المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

192

الاجتناب عن الدبس إلى ما بعد الساعة الثانية، وهذا علم إجمالي حدث من زمان التكليف القصير، وبقى إلى آخر زمان التكليف الطويل، فأثره باق إلى الآخر ببقائه.

نعم، هنا شيء، وهو أنّ القول بالتنجيز هنا هل يتوقّف على القول بالتنجيز في العلم الإجماليّ في تدريجيّات، أو لا؟

وتحقيق الحال في ذلك: أنـّه إن فرض التكليف واحداً مجموعيّاً لا ينحلّ إلى أحكام عديدة، كما لو كان ترك الشرب في مجموع الزمان حكماً واحداً، فالقول بالتنجيز هنا لا يتوقّف على القول بالتنجيز هناك، بل يمكن تسليمه هنا مع فرض عدم تسليمه هناك، وأمـّا إذا كان أحكاماً عديدة، فالمنجِّز للحكم الثاني الذي هو حكم ما بعد الاضطرار إنـّما هو العلم الإجماليّ بوجوب الشيء في الزمان الأوّل المضطرّ إلى مخالفته في الزمان الثاني، أو وجوب الشيء الآخر في الزمان الثاني، فإن فرضت الأحكام العديدة التي انحلّ التكليف إليها وجوبات متدرّجة زماناً في نفس الوجوب، فالقول بالتنجيز فيه يتفرّع على القول بالتنجيز في العلم الإجماليّ في التدريجيّات، بمعنى كون التدريج في نفس الوجوب، وإنْ فرض أنّ تلك الأحكام متعاصرة وكلّها ثابتة في الزمان الأوّل، وإنـّما التدرّج في الواجب ومتعلّق العلم، فالقول بالتنجيز فيه يتفرع على القول بالتنجيز في العلم الإجمالي في التدريجيّات، بمعنى التدرّج في نفس الواجب على نحو الواجب المعلّق لا في نفس الوجوب.

وأمـّا القسم الثالث: وهو تأخّر الاضطرار عن سبب التكليف وتقدّمه على العلم به أو مقارنته أيّاه، فهل يلحق بالقسم الأوّل، وهو تقدّمه عليهما في عدم تنجيز العلم الإجمالي فيه، أو بالقسم الثاني، وهو تأخّره عنهما في تنجيزه فيه؟ نقل في التقريرات: أنّ المحقّق النائينيّ (قدس سره) كان يبني في الدورة السابقة على التنجيز ثمّ عدل إلى عدم التنجيز.

وشبهة التنجيز تقرّب بتقريبين:

التقريب الأوّل: ما ذكره السيّد الاُستاذ في الدراسات(1) من أنـّه بعد طروّ الاضطرار قد علم بثبوت تكليف عليه قبل الاضطرار، ولا يدري هو الفرد القصير الذي انقضى بالاضطرار، أو الفرد الطويل الباقي، فيجري استصحاب الكلّيّ من


(1) راجع الدراسات: ج3، ص248 ـ 249 . وراجع ـ أيضاً ـ مصباح الاُصول: ج 2، ص386 ـ 388.