المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

234

الترخيص المقيّد بقيد عدم وصول فعليّة الترخيص الآخر إلى العرف(1) . وبهذا يتّضح الفرق في المقام بين الشبهة المصداقيّة والشبهة المفهوميّة؛ لأنـّه في مورد الشبهة المصداقيّة، لم يصل الترخيص في الفرد المشكوك دخوله في محلّ الابتلاء إلى العرف بما هو العرف؛ إذ ليس المفروض في العرف بما هو عرف أنْ يكون مطّلعاً على حال المصداق، إذن فالترخيص في الطرف المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء لا معارض له، في حين أنـّه في فرض الشبهة المفهومية نقول: إنّ المفروض في العرف بما هو عرف أنْ يكون مطّلعاً على حال المفهوم، وقد فرضنا أنـّنا صدفة شككنا في المفهوم شذوذاً عن العرف، وأنّ المفهوم واضح لدى العرف، إذن فنحتمل وصول المعارض إلى العرف بما هو عرف، وقد فرضنا أنّ احتمال المعارض المتّصل في غير القسم الأوّل من الأقسام الثلاثة لا ينفى بالأصل.

نعم، لو لم نقبل أصل فكرة: أنّ احتمال المعارض المتّصل لا ينفى بالأصل في الشبهة المفهومية، وقلنا: إنّ احتمال المعارض المتّصل لا يمنع عن التمسّك بالعامّ حتى في الشبهة المفهومية، لم يبقَ فرق ـ عندئذ ـ بين فرض الشبهة المفهومية والمصداقية؛ لأنـّه ينتفي بذلك أساس كلا الجوابين اللذين شرحناهما، ويتّجه ـ عندئذ ـ جريان الأصل في الفرد المقطوع دخوله في محلّ الابتلاء؛ لعدم إحراز المعارض، سواء كان الشكّ مفهومياً أو مصداقياً.

هذا تمام الكلام بناءً على المبنى المختار في وجه سقوط العلم الإجمالي عن التنجيز لدى خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء.

 


(1) لا يخفى: أنـّه على تقدير أنْ يكون الفرد المشكوك دخوله في محلّ الابتلاء داخلاً حقّاً في محلّ الابتلاء تكون أدلّة الاُصول التي لا تشمل في ذاتها أطراف العلم الإجماليّ ساقطة في المقام، ولا تبقى في المقام إلّا أصالة الحلّ وأصالة الحلّ ـ أيضاً ـ بناءً على كون مفادها تحليل الكلّ المشتمل على الحرام لا تقبل تقييدها في الأجزاء بقيد ما، على ما مضى شرحه من قبل اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في بحث الجواب على شبهة التخيير في جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي التي طرحها المحقّق العراقيّ (رحمه الله) فعندئذ يشكل تقييد كل من الأصلين بقيد عدم وصول فعلية الترخيص الآخر إلى العرف.

نعم، بما أنّ اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) اختار هناك أنّ الظاهر من حديث أصالة الحلّ أنّ مفاد كلمة (الشيء) الوارد فيه هو الكلّي وليس الكل، فهذا الإشكال غير وارد عليه.