المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

25

التفصيليّ، فلأنـّنا لا ندّعي كون مصبّ العلم هو الحدّ الشخصيّ، بل مصبّه هو عنوان (أحدهما).

هذا هو واقع المطلب الذي اختلفت التعابير عنه، فيمكن أن يعبّر عنه بالفرد المردّد، ويمكن أن يعبّر عنه بالجامع، ويمكن أن يعبّر عنه بالواقع، فإنّ هذا الرمز بطبيعته له مرونة، يمكن أن يرمز به إلى هذا الفرد، ويمكن أن يرمز به إلى ذاك الفرد، وفي نفس الوقت لا يمكن أن يرمز به إلى الفردين معاً بنحو المجموعيّة، بل يرمز به إلى كلّ واحد منهما على سبيل البدل عيناً من قبيل الثوب الذي يصحّ أن يقال: إنـّه صالح لأن يلبسه كلّ أحد، ويصح أن يقال: إنـّه لا يصلح إلاّ للبس فرد واحد، فمن نظر إلى مرونة هذا الرمز عبّر بالجامع، ومن نظر إلى الفرد المعيّن الذي رمز إليه بهذا الرمز عبّر بالواقع، ومن نظر إلى أنّ ما يصلح لأن يرمز إليه هو أحد الفردين على سبيل البدل عبّر بالفرد المردّد، فالخلط بين هذا الرمز والجامع يوجب التعبير بالفرد المردّد، فإنّ ما يكون منطبقاً على كلّ واحد من الفردين كالجامع ـ لا رمزاً إليه ـ ويكون انطباقه على الفرد انطباقاً عليه مع قشوره إنـّما هو الفرد المردّد.

هذا وتجدر الإشارة هنا إلى المراد من التعبير بالواقع، وحاصل الكلام: أنّ هذا الرمز ليس دائماً يرمز إلى الواقع المعيّن، بل قد لا يرمز إليه، أي: أنّ علم الشخص لا يكون متوجّهاً نحو فرد معيّن؛ لاستواء نسبته إلى كلا الفردين، ولا أقصد بذلك التفرقة بين ما لو كان كلا طرفي المعلوم بالإجمال ثابتاً في الواقع وما لو كان أحد طرفيه فقط ثابتاً في الواقع، بل أقصد بذلك التفرقة بين ما لو كان منشأ العلم الإجماليّ ما يدلّ بمقتضاه الأوّلي على عدم اجتماع نقيض كلّ من طرفي العلم الإجماليّ كحساب الاحتمالات، أو البرهان على عدم الاجتماع، وما لو كان منشأه ما لا تستوي نسبته إلى الطرفين، كما لو سمع صوت أحد الشخصين فعرف وجود أحدهما في المسجد مثلاً، فالعلم الإجماليّ في الثاني له توجّه نحو أحد الفردين بالخصوص بخلافه في الأوّل.

لكنّ هذا التفصيل لا يوجب إشكالاً على التعبير بتعلّق العلم الإجماليّ بالواقع، وتوضيح ذلك: أنّ المقصود بتعلّق العلم الإجماليّ بالواقع ليس هو كون المعلوم بالذات هو الواقع، فإنّ ذلك معلوم بالعرض، والمعلوم بالذات ثابت في اُفق النفس، وليس أيضاً المقصود بذلك: أنّ المعلوم بالذات دائماً يوجد في الخارج ما يطابقه من معلوم بالعرض معيّن، فإنّ العلم الإجماليّ قد يكون جهلاً مركّباً، كالعلم