المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

261

الفرض، والأصحاب (قدّس الله أسرارهم) بين قائل بعدم التنجيز مطلقاً، وقائل بالتفصيل في ذلك. والصحيح هو التنجيز مطلقاً.

وهذا العلم الإجمالي في حدّ ذاته تامّ الجهات، فلا بدّ في دعوى عدم تنجيزه من إبراز نكتة أوجبت عدم التنجيز. وللأصحاب وجوه عديدة في إبراز نكتة عدم التنجيز نبحثها تباعاً في المقام:

 

بيان السيّد الاُستاذ

الوجه الأوّل: ما اعتمد عليه السيّد الاُستاذ(1)، وهو مختصّ بفرض تقدّم العلم الإجمالي بنجاسة الملاقى أو طرفه زماناً على العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو طرف الملاقى، ويفرض فى هذا الوجه أنّ العلم الإجمالي مقتض لوجوب الموافقة القطعيّة، وليس علّة تامّة له.

وبيانه: أنّ العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو طرف الملاقى مسبوق زماناً بالعلم الإجمالي بنجاسة الملاقى أو طرفه، وهذا يوجب صحّة التمسّك بأصالة الطهارة في الملاقي، لا لدعوى انحلال العلم الإجمالي الثاني بالأوّل حقيقة، ولا لدعوى انحلال الأثر العقلي للعلم الثاني ـ بمعنى زوال علّيّته أو اقتضائه للتنجيز ـ بل العلم الثاني باق حقيقة، وباق على صفة اقتضائه للتنجيز، إلّا أنّ تأثير الاقتضاء خارجا مشروط بعدم المانع ـ وهو جريان الأصل الترخيصي في أحد الطرفين وحده ـ والمانع هنا موجود، وهو أصالة طهارة الملاقي، ولا تعارض بأصالة الطهارة في طرف الملاقى، لأنّ هذا الأصل قد سقط في الزمان السابق بالمعارضة لأصالة طهارة الملاقى، فأصالة الطهارة الجارية في الملاقي الآن خالية عن المعارض.

ويرد عليه: أوّلاً: ما مضى في بعض الأبحاث السابقة(2) من أنّ المانع عن جريان الأصلين السابقين بقاءً إنـّما هو العلم الإجمالي بوجوده البقائي، ولذا لو انحلّ العلم الإجمالي بعد حدوثه بالعلم التفصيلي: بأنّ الإناء الشرقي كان نجساً من أوّل الأمر، والشكّ البدوي في نجاسة الإناء الآخر، فلا إشكال في جريان الأصل فيه بقاءً،


(1) راجع مصباح الاُصول: ج 2، ص 415، والدراسات: ج 3، ص 265 ـ 266.

(2) مضى ذلك في التنبيه الخامس.