المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

269

شرب النجس، فيقال: إنّ دليل أصالة الطهارة ناظر إلى هذه الأحكام والآثار، وأمـّا بالنسبة لنفس أفراد مفاد الدليل الواحد، وهو دليل أصالة الطهارة، فلا نظر لبعضها إلى بعض، وهذا الوجه ـ أيضاً ـ يأتي تحقيقه إن شاء الله في آخر الاستصحاب في بيان علاقات الأمارات والاُصول بعضها مع بعض.

وأمـّا الأمر الرابع: وهو عدم وجود أصل طولي في الطرف الآخر كي يعارض أصالة الطهارة في الملاقى فهذا ـ أيضاً ـ غير صحيح، وذلك لوجهين:

أحدهما: جريان أصالة الطهارة في الملاقي التقديري لطرف الملاقى، وإيجابها الترخيص فعلاً بلحاظ الحرمة الوضعيّة الثابتة للملاقي التقديري؛ لما عرفت من فعليّة تلك الحرمة قبل حصول الملاقاة.

والثاني: ما أسماه المحقّق العراقي (رحمه الله)(1)بالشبهة الحيدرية ـ نسبة إلى السيد الوالد (قدس سره) ـ وهو أنـّه توجد في طول أصالة الطهارة في طرف الملاقى أصالة إباحته، فتتعارض مع أصالة الطهارة في الملاقي، وتتساقطان، وهذا الوجه متين ووارد عليهم، بناءً على مبانيهم من تسليم الطولية في الاُصول المتوافقة إطلاقاً.

هذا. ولكن المحقّق النائيني (رحمه الله) يدفع هذا الإشكال(2)بأنّ أصالة الإباحة في طرف الملاقى وإنْ كانت في طول أصالة الطهارة، لكنّها تسقط معها بالمعارضة؛ لأصالة الطهارة في الملاقى، وهذا بخلاف أصالة الطهارة في الملاقي فهي تنجو عن المعارضة؛ لكونها في طول أصالة الطهارة في الملاقى. والفرق بينهما: أنّ هذا أصل طولي في موضوع آخر غير موضوع الأصل السابق عليها رتبة، ولكنّ أصالة الإباحة أصلٌ طولي في نفس موضوع الأصل الحاكم عليها، والوجه في تساقط الاُصول الطوليّة جميعاً عند المعارصة لأصل عرضي عند المحقّق النائيني (رحمه الله) هو ما مضى(3)من وحدة المجعول، وهذا لا يأتي في فرض كون الأصلين الطوليين في موضوعين، لكنّك عرفت فيما مضى بطلان هذا الوجه.


(1) لم ترد في نهاية الأفكار تسمية ذلك بالشبهة الحيدريّة، وإنـّما وردت نسبته إلى عنوان (بعض الأجلّة المعاصرين) ولكن في عنوان الصفحة كتب (بيان إشكال السيد حيدر الصدر(قدس سره) ) راجع القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 362.

(2) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 246، وراجع ـ أيضاً ـ ص 260 ـ 261.

(3) في التنبيه الثاني.