المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

283

الطهارة النافية لنجاسة ملاقيه، فيقع التعارض بين الأصلين في الرتبة السابقة، ويتساقطان وتصل النوبة إلى أصالة الطهارة في الملاقي.

والمبنى الثالث: كان عبارة عن انحلال أصل الأثر العقلي للعلم الإجمالي من العلّية أو الاقتضاء بثبوت علم إجمالي منجّز في المرتبة السابقة لطرف الملاقى، وهو العلم الإجمالي الأوّل السابق رتبة على العلم الإجمالي الثاني، وهذا المبنى لا ينفع هنا للترخيص في الملاقي، لعدم وجود علم منجّز في المرتبة السابقة لطرف الملاقى، فيتنجّز طرف الملاقى مع الملاقي بالعلم الإجمالي بنجاسة أحدهما.

والمبنى الرابع: كان عبارة عن انحلال الأثر العقلي للعلم الإجمالي من العلّية أو الاقتضاء بثبوت معلوم منجَّز يكون مقدّماً رتبة على هذا المعلوم، وهذا المبنى أيضاً لا يأتي في المقام، إذ ليس هنا معلوم آخر في الرتبة السابقة على النجاسة المعلومة بين الملاقي وطرف الملاقى منجَّز، حتى يمنع عن تأثير العلم الثاني بالصياغة الضيائية أو الميرزائية، ومجرّد ثبوت نجاسة اُخرى معلومة في المرتبة السابقة على هذه النجاسة المعلومة لا أثر له، فإنّ تلك النجاسة المعلومة بعد فرض عدم تنجّزها حالها حال النجاسة المشكوكة، وإسقاطها للعلم الثاني عن كونه علماً بتكليف جديد يكون على حدّ إسقاط النجاسة المشكوكة للعلم الثاني عن كونه علماً بتكليف جديد، وفي نهاية الأمر لابدَّ لصاحب هذا المبنى دفعاً لهذا النقض الذي هو من الواضحات أنْ يأخذ في المعلوم الأوّل قيد التنجّز.

وأمـّا الجهة الثانية: فيختلف الحكم فيها ـ أيضاً ـ باختلاف المباني:

فعلى المبنى الأوّل لا يجب الاجتناب عن الملاقى بعد دخوله في محلّ الابتلاء، لأنّ الأصل في طرفه قد سقط في الزمان السابق بالتعارض مع الأصل في الملاقي.

وعلى المبنى الثاني قد ظهر أنّ أصالة الطهارة في الملاقى قد سقطت قبل رجوعه إلى محلّ الابتلاء بالتعارض مع أصالة الطهارة في طرفه، إلّا أنـّه يمكن أنْ يقال: إنّ أصالة الطهارة إنـّما سقطت في ذاك الوقت بلحاظ الأثر الثابت بالنسبة للملاقي، وأمـّا بلحاظ باقي الآثار فلم تكن جارية في نفسها، فالآن تجري بلا معارض؛ لأنّ أصالة الطهارة تنحلّ بعدد آثار الطهارة.

إلّا أنّ التحقيق هو التفصيل بين ما لو قلنا فقط بالمبنى الثاني ـ وهو الانحلال بملاك تقدّم الأصل رتبة ـ أو قلنا بالمبنى الأوّل أيضاً ـ وهو الانحلال بملاك تقدّم