المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

284

الأصل زماناً؛ لعدم تناف بين المبنيين ـ فعلى الأوّل يسقط الأصل في الملاقى الآن حتّى بلحاظ باقي الآثار بالتعارض مع الأصل في طرفه؛ لأنّ الأصل في طرفه ليس مبتلىً بالتعارض مع أصل آخر في المرتبة السابقة على الأصل في الملاقى، وعلى الثاني يجري الآن الأصل في الملاقى بلحاظ باقي الآثار؛ لأنّ الأصل في طرفه قد سقط في زمان سابق بالتعارض مع الأصل في الملاقى بلحاظ أثره في الملاقي، فالأصل في الملاقى بلحاظ باقي الآثار يجري فعلاً بلا معارض.

وعلى المبنى الثالث والرابع لا يمكن إثبات عدم وجوب الاجتناب عن الملاقى بأحد المبنيين؛ لأنـّه لا يوجد علم منجِّز سابق رتبة على ما ينجّز الملاقى الآن قد نجّز في الرتبة السابقة طرف الملاقى، فإنّ ما نجّز طرف الملاقى كان هو العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة الملاقي، وهو ليس سابقاً رتبة على ما يقتضي الآن تنجيز الملاقى، وكذلك لا يوجد معلوم منجَّز سابق رتبة، فإنّ المعلوم المنجّز كان عبارة عن نجاسة الملاقي أو طرف الملاقى، وليس هذا سابقاً رتبة على المعلوم المنجّز الآن، والتقدّم الزماني في المقام لا يفيد، لأنـّه ليس في الطرف المشترك حتّى يمنع عن كون العلم الثاني علماً بحدوث التكليف مثلاً.

وأمـّا الجهة الثالثة: فيختلف الحكم فيها ـ أيضاً ـ باختلاف المباني:

فبناءً على أنّ العبرة في الانحلال بالتقدّم الزماني للأصل، وبقاء المتأخّر فارغاً عن المعارض في زمانه لا بدّ هنا من الاجتناب عن الملاقي بعد رجوع الملاقى إلى محلّ الابتلاء؛ لأنّ أصله قد سقط في زمان سابق، وهو زمان خروج الملاقى عن محلّ الابتلاء بالتعارض مع الأصل في طرف الملاقى.

وبناءً على أنّ ميزان الانحلال هو التقدّم الرتبي للأصل، وبقاء الأصل المتأخّر فارغاً عن المعارض في رتبته لا يجب الاجتناب الآن عن الملاقي، كما لا يجب الاجتناب عنه قبل رجوع الملاقى إلى محلّ الابتلاء؛ لأنّ الأصل في طرف الملاقى مبتلىً بالتعارض مع أصل الملاقى في المرتبة السابقة(1).

 


(1) ولو بنينا على أنّ ميزان الانحلال هو كلّ من التقدّم الرتبي والزماني، بمعنى كفاية كلّ واحد منهما، فالنتيجة في المقام هي: أنّ أصل الطهارة في طرف الملاقى قد تعارض مع أصل الطهارة في الملاقى من قبل رجوعه إلى محلّ الابتلاء ـوذلك بلحاظ ما لها من أثر إثبات طهارة