المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

287

ما قبل رجوع الملاقى إلى محلّ الابتلاء، أو نجاسة الملاقي في القطعة الثانية من الزمان، وهي قطعة ما بعد رجوع الملاقى إلى محلّ الابتلاء، وهذا العلم لا يوجد علم سابق عليه رتبة منجِّز للطرف الأوّل منه، حتّى يبقى الملاقي بلا تنجيز، فإنّ الطرف الأوّل لم يكن منجّزاً بالعلم الإجمالي الأوّل المتقدّم رتبة على هذا العلم، بل كان منجّزاً بالعلم الإجمالي الثاني الذي هو في عرض هذا العلم.

ولكن قد يمكن دفع هذا الإيراد، وذلك كما لو ادّعى ـ بناءً على ما هو المفروض من مبناهم من أنّ نسبة التنجّز إلى العلم نسبة الأثر إلى المؤثر ـ أنـّه يشترط في تأثير العلم الإجمالي التدريجي لتنجيز الطرف المتأخّر أنْ يكون باقياً إلى زمان الطرف المتأخّر على قابليّته لتنجيز التكليف على كلّ تقدير، بحيث إنّ الطرف السابق بقطع النظر عن مضيّ أمده، وعدم تعقّل تنجّزه فعلاً يقبل التنجيز بهذا العلم، وبكلمة اُخرى: يشترط في تنجيز العلم الإجمالي التدريجي للطرف المتأخّر أن يكون الطرف المتقدّم بنحو بحيث لو كان متأخّراً لتلقّى التنجيز من هذا العلم، أو قل: يشترط في ذلك أنْ يكون الطرف المتقدّم بحيث لو أمكن محالاً تنجيزه بعلم متأخّر عنه لتنجّز بهذا العلم، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل، فإنّ الطرف المتقدّم ـ وهو نجاسة طرف الملاقى فيما قبل رجوع الملاقى إلى محلّ الابتلاء ـ لو فرض إمكان تلقّيه للتنجيز من علم متأخّر عنه لما تلقّى تنجيزه من هذا العلم؛ إذ على هذا الفرض ينجّزه العلم السابق رتبة على هذا العلم، وهو العلم بملاقاة الملاقى أو طرفه للنجس.

 

فرض الشكّ في السراية والسببيّة

الأمر الثاني: قد فصّل في المقام ـ كما سبق ـ في الملاقي لأحد أطراف الشبهة بين القول بالسراية والقول بالسببيّة، فلا يجب الاجتناب عنه بناءً على السببيّة؛ لما مضى عنهم من عدم منجّزيّة شيء من العلمين، أمـّا العلم الأوّل فلأنـّه ليس علماً بتمام موضوع الحكم بالاجتناب عن الملاقي، وأمـّا العلم الثاني فلانحلاله بوجه من الوجوه ـ ونتكلّم هنا فيما نريد أنْ نتكلّم عنه بناءً على الوجه الثاني من وجوه الانحلال، وهو أنّ الأصل في طرف الملاقى تعارض مع الأصل في الملاقى في المرتبة السابقة، وبقي الأصل في الملاقي بلا معارض ـ وهذا بخلاف فرض القول بالسراية، فيجب على هذا الفرض الاجتناب عن الملاقي؛ لمنجّزيّة كلا العلمين، أمـّا