المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

324

عبده مثلاً بالتفتيش عن كتاب في المكتبة الفلانيّة لغرض تحصيل ذاك الكتاب، ولكن ليس اهتمامه بهذا الغرض بدرجة يطلب من عبده التفتيش في جميع المكتبات حتى المكتبات الموجودة في غير بلده، فيقتصر على طلب التفتيش في المكتبة الفلانيّة الموجودة في بلده، وعليه فليس من المحتّم افتراض لزوم الإتيان بجميع الاُمور الاختياريّة التي هي في الواقع الدخيلة في تحصيل الغرض إعداديّاً؛ كي لا تجري البراءة في فرض الشكّ في داخل أمر اختياري ما في ذلك، بل نشكّ في أصل مطلوبيّة تمام هذه الإعدادات المتعدّدة وعدمها، وهذا هو ما قلناه من دوران الغرض بين الأقلّ والأكثر.

الفرضيّة الثالثة: أن يفترض أنّ الغرض عبارة عن نفس الأفعال: إمّا بذاتها كالسجود، بناءً على أن يكون وجوبه لحسنه الذاتي، وكونه بذاته كمالاً للعبد لا لغرض آخر متولّد منه، أو بعنوان منطبق على تلك الأفعال، كما لو فرضنا أنّ إيجاب الصلاة مثلاً لم يكن لأجل غرض متولّد من نفس متعلّق التكليف بما هو، بل لأجل أن يتّصف الإتيان به بعنوان طاعة المولى، التي هي بنفسها كمال للعبد، فالغرض إذن مردّد بين الأقلّ والأكثر. بل لو كان الغرض حصول الطاعة فعند جريان البراءة عن الزائد تحصل الطاعة بالباقي.

الفرضيّة الرابعة: أن يفرض الغرض مردّداً بين المرتبة الضعيفة والمرتبة الشديدة، كأن يتردّد الأمر بين أن يكون الغرض هو الارتواء الضعيف الذي يحصل بكأس واحد من الماء، والارتواء الشديد الذي يحصل بكأسين من الماء، بمعنى أن يكون الارتواء الشديد بمرتبته مطلوباً واحداً، لا بمعنى مطلوبيّة المرتبة الضعيفة مع مطلوبيّة المقدار الزائد كي ينافي ذلك فرض ارتباطيّة الواجب، فإذا تردّد الغرض بين المرتبة الضعيفة لشيء والمرتبة الشديدة له جرت البراءة بلحاظ المقدار الزائد؛ لأنّ المرتبة الضعيفة مطلوبة إمّا استقلالاً أو ضمناً، وكون الزائد مطلوباً غير معلوم.

الفرضيّة الخامسة: أن يفرض أنّ كلّ جزء من هذه الأجزاء يترتّب عليه أثر مستقلّ، والغرض كان عبارة عن نفس تلك الآثار، فتردّد أمر الغرض بين الأقلّ والأكثر.

ولا ينافي ذلك فرض ارتباطيّة الواجب؛ وذلك لإمكان افتراض أنّ الغرض عبارة عن مجموع تلك الآثار، لا عن كلّ واحد منها، كما لم يكن ينافيه فيما مضى من الفرضية الثالثة ـ وهي افتراض كون الغرض عبارة عن نفس الأفعال ـ حيث كان