المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

335

ـ أيضاً ـ بعد ما عرفت المصادرة المشار إليها آنفاً في كلامه من افتراض عدم إمكان تبعّض أجزاء الواجب الارتباطي في التنجّز وعدمه، إذن ففرض الانحلال في المقام يوجب الخلف والتهافت.

ويمكن أن يقرّب مقصوده بصياغة تصبح إشكالاً حتّى على الانحلال الثاني فضلاً عن الثالث، وهو أن يقال: إنّ من ترك الصلاة رأساً فلم يأت ِ بالأكثر ولا بالأقلّ، وكان الواجب في علم اللّه هو الأكثر، فهل يستحق عقاب المعصية أو لا؟ فإن قيل: لا، فهو خلاف البداهة والضرورة. وإن قيل: نعم، قلنا: على ماذا يعاقب؟ هل يعاقب على مخالفة الأمر بالأقلّ؟ والمفروض عدمه، أو يعاقب على مخالفة الأمر بالأكثر؟ وهذا معناه تنجّز الأمر بالأكثر، ولا يمكن تنجّزه بلحاظ بعض أجزائه دون بعض، فلا بُدّ من تنجّز الجميع(1).

أقول: قد عرفت فيما مضى البرهان على الانحلال الحقيقي، ولم نكن بحاجة في مورد دوران أمر الأجزاء بين الأقلّ والأكثر إلى الانحلال الحكمي بالمعنى الذي عرفت، فكلام المحقّق الخراساني (رحمه الله)لو أُريد جعله إشكالاً علينا يجب أن نأخذ بالتقريب الثاني له، وأمـّا التقريب الأوّل فهو في نفسه غير وارد علينا.

وعلى أيـّة حال فشيء من التقريبين غير تامّ؛ لعدم تماميّة الأصل المصادر في المقام من عدم تبعّض أجزاء الواجب الواحد في التنجيز وعدمه، وعدم تعدّد التنجيز، فإنّه لو اُريد بذلك أنّ الواجب الارتباطي الواحد ليست له تنجّزات عديدة


(1) إلّا أنّ مقصود المحقّق الخراساني (رحمه الله) حتماً هو إبطال الانحلال الثالث، فالانحلال الثاني إمّا كان غافلاً عنه، أو كان مفروض البطلان لديه، والدليل على ذلك أنـّه (رحمه الله) ذكر وجهاً آخر لتقريب عدم إمكانيّة الانحلال، وهو لا يمكن أن ينظر إلّا إلى الوجه الثالث للانحلال، وحاصل هذا الوجه: أنـّه يلزم من الانحلال عدمه، وما يلزم من وجوده عدمه فهو باطل في المقام؛ وذلك لأنّ الانحلال يعني عدم تنجّز التكليف على تقدير تعلّقه بالأكثر المستلزم لعدم تنجّز الأقلّ على كلّ تقدير؛ إذ أحد تقديريه هو وجوبه ضمن الأكثر، والتنجيز لا يتبعّض كما مضى في الأصل المصادر في المقام، وإذا لم يكن الأقلّ مقطوع التنجيز مطلقاً لزم عدم الانحلال. وهذا الوجه كما ترى ينحصر في أن يكون ناظراً إلى الانحلال الثالث دون الثاني، وعلى أيّة حال، يكفي لبطلان هذا التقريب ـ أيضاً ـ أنـّه متوقّف على تلك المصادرة، والتي سيبطلها اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في المتن.