المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

336

بعدد أجزائه بمعنى تعدّد العقاب بتعدّد الأجزاء المتروكة، فهذا واضح لا غبار عليه؛ إذ هو واجب واحد ذو غرض واحد ليس له إلّا تنجّز واحد واستحقاق واحد للعقاب، ولا معنى لاستحقاق عقوبات متعدّدة، إلّا أنّنا لا ندّعي تعدّد التنجيز بهذا المعنى، وإنّما نحلّ الإشكال في المقام عن طريق التبعّض في التنجّز بمعنىً آخر، ولو أُريد بذلك إنكار التبعّض في التنجّز بذلك المعنى الآخر، وهو أن يثبت ذلك التنجّز الواحد للأمر بالأكثر من بعض الجهات دون بعض، فتكون مخالفته عن طريق ترك الأقلّ موجبة لاستحقاق العقاب، ومخالفته عن طريق ترك الزائد غير موجبة لذلك، فهذا الإنكار نمنعه أشدّ المنع، ولا وجه له، بل البرهان على خلافه؛ لأنّ ملاك التنجّز إنّما هو الوصول، والوصول يمكن تبعّضه بتعدّد الأجزاء، فتتبعّض لا محالة أجزاء الواجب بلحاظ التنجّز بهذا المعنى، ويبقى الجزء غير الواصل تحت التأمين العقلي، من باب عدم البيان حسب تصورات القائلين بالبراءة العقليّة.

ولا يقاس تنجّز الأجزاء بوجوباتها، بتخيّل أنّ الارتباط بين وجوباتها ورجوعها إلى وجوب واحد يستدعي الارتباط بين تنجّزاتها بمعنى عدم إمكان تنجّز الأمر بالأكثر من بعض الجهات دون بعض؛ لأنّ تلك الجهات مترابطة، فإنّ هذا قياس مع الفارق؛ لأنّ هذه الوجوبات ملاكها الجعل، وبما أنّ الجعل كان واحداً وغير متعدّد ومتبعّض ترابطت هذه الوجوبات واتّحدت، وأمـّا تنجّزاتها فملاكها الوصول، وهو قابل للتبعّض بأن يصل تعلّق الوجوب ببعض الأجزاء ولا يصل تعلّقه بالباقي.

على أنّ التقريب الثاني لكلامه(قدس سره) ليس إبطالاً لما مضى منّا فيما سبق من البرهان على الانحلال الحقيقي، وإنّما هو إبراز لمشكلة في المقام في كيفيّة تصوير استحقاق العقاب، فلو ضممنا هذا التقريب إلى ذاك البرهان كانت النتيجة إشكالاً لا بُدّ للمحقّق الخراساني ـ أيضاً ـ أن يجيب عنه، وحاصله أنّ هذا الشخص الذي ترك الصلاة ـ وهو متردّد بين وجوب الأقلّ ووجوب الأكثر وكان الواجب في علم اللّه هو الأكثر ـ هل يستحق عقاب المعصية أو لا؟ فإن قيل: لا، فهذا خلاف البداهة مثلاً، وإن قيل: نعم، قلنا: هل يعاقب من ناحية تركه للأقلّ؟، أو من ناحية تركه للأكثر لتنجّز الزائد عليه أيضاً؟

فإن قيل بالأوّل فهذا خلاف المصادرة المفروضة من عدم قابليّة الواجب الواحد للتبعّض في التنجيز، وإن قيل بالثاني كان هذا تخصيصاً لقاعدة (قبح العقاب بلا بيان)؛ لعدم تماميّة البيان بالنسبة للزائد، بعد ما برهنّا عليه من الانحلال الحقيقي،