المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

337

ولعلّ أهون المحاذير له (قدس سره) هو إنكار الانحلال الحقيقي.

على أنّ بالإمكان إيراد نقض على التقريب الثاني، وهو: أنـّه ماذا يقال فيما لو قطع بعدم جزئيّة السورة وترك الصلاة، وكانت السورة في علم اللّه جزءاً؟ فهل يُلتزم بعدم استحقاقه للعقاب إلّا من باب التجرّي؟ فبناءً على إنكار استحقاق المتجرّي للعقاب لا عقاب عليه، في حين أنّ استحقاقه للعقاب هنا أوضح من استحقاق المتجرّي، فمثل الشيخ الأعظم (رحمه الله) المنكر لاستحقاق المتجرّي للعقاب لا ينكر استحقاق هذا الشخص للعقاب، أو يلتزم باستحقاقه للعقاب على مخالفة وجوب الأقلّ، في حين أنّ الواجب هو الأكثر لا الأقلّ، أو يلتزم باستحقاقه للعقاب على ترك الأكثر، في حين أنـّه يقطع بعدم وجوب الأكثر، ولا يمكن تبعّض الأكثر بلحاظ أجزائه في التنجيز حسب الفرض.

 

التفصيل بين البراءة العقليّة والشرعيّة

الأمر الثاني: أنّ المحقّق الخراساني (رحمه الله) فصّل في الكفاية بين البراءة العقليّة والبراءة الشرعيّة، فمنع عن جريان الاُولى، واعترف بجريان الثانية. واعترض عليه المحقّقون المتأخّرون عنه كالسيّد الاُستاذ: بأنّ وجه المنع عن جريان البراءة العقليّة ـ لو تمّ ـ لا يفرّق فيه بين البراءتين. والمحقّق الخراساني (رحمه الله) بنفسه ـ أيضاً ـ عدل عن كلامه، وذهب في تعليقته على الكفاية إلى المنع عن جريان كلتا البراءتين.

أقول: إنّ ما اعتمد عليه المحقّق الخراساني في الكفاية في مقام منع جريان البراءة العقليّة وجهان: أحدهما: مسألة الغرض والشكّ في المحصّل. والثاني: العلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين الأقلّ والأكثر. ونحن نقتصر في مقام بيان إمكان التفصيل بين البراءتين وعدمه على التكلّم على هذين الوجهين فنقول:

أحد الوجهين: مسألة الغرض والشكّ فيما يحصّل الغرض، فهل يمكن على أساس هذا الوجه التفصيل بين البراءتين، بأن يفترض أنـّه يبطل البراءة العقليّة فحسب؟ أو أنّ إبطاله للبراءة العقليّة يستلزم إبطاله للبراءة الشرعيّة؟

ذكر السيد الاُستاذ(1): أنـّه لا يمكن في المقام التفصيل بين البراءتين؛ إذ بعد


(1) راجع مصباح الاُصول: ج 2، ص 439 ـ 440، والدراسات: ج 3، ص 278.