المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

341

بهذا الاستصحاب؛ لأنّ الاستصحاب لسانه لسان إبقاء الواقع السابق على حاله ظاهراً، والواقع السابق عبارة عن عدم التقييد، فيثبت عدم التقييد ظاهراً، وعدم التقييد بنفسه هو الإطلاق، فقد ثبت الإطلاق ظاهراً. وثالثة يفرض عبارة عن أصل يكون لسانه لسان رفع وجود القيد في العالم الثاني، وعندئذ لا يثبت بذلك الإطلاق حتّى لو كان عبارة عن عدم القيد، فإنّ الإطلاق إنّما يكون عبارة عن عدم القيد في مقابل وجوده في العالم الأوّل، والأصل إنّما ينفي وجوده في العالم الثاني ـ أي أنـّه ينفي إيجاب الاحتياط تجاهه ـ فلا علاقة لذلك بإثبات الإطلاق، والبراءة تكون من هذا القبيل، فإنّ متعلّق الرفع ـ أعني الموصول في قوله: رفع ما لا يعلمون ـ وإن أُريد به الواقع، لكن المفروض أنـّه ضمّنت كلمة (الرفع) معنى الظاهريّة بمعنى كونه رفعاً في مقابل إيجاب الاحتياط، والرفع بهذا المقدار لا مساس له بمسألة الإطلاق الذي هو في مقابل وجود التقييد في عالم الجعل والواقع.

هذا. ويمكن توجيه التفصيل بين البراءتين على أساس آخر، ونبيّن ذلك بما يكون في نفس الوقت شروعاً في الأمر الثالث من الاُمور التي وعدنا بيانها هنا.

 

البراءة عن الجزئيّة لا عن ذات الجزء

الأمر الثالث: أنـّه ما هو الوجه في عدول المحقّق الخراساني عن إجراء البراءة عن الزائد، أو الأكثر إلى إجراء البراءة عن الجزئيّة؟ يمكن الإجابة عن هذا السؤال بنحو يكون على تقدير تماميّته جواباً عن السؤال السابق ـ أيضاً ـ عمّا هو الوجه في التفصيل بين البراءتين بمانعيّة العلم الإجمالي عن العقليّة دون الشرعيّة.

ونحن نذكر هذا الجواب عن السؤالين، ونبحث عن صحّته وبطلانه حسب مباني المحقّق الخراساني في نفسه ـ ولو لم يكن هو المستفاد من كلام المحقّق الخراساني(رحمه الله)ـ وبعد ذلك نتعرّض إلى محتملات كلام المحقّق الخراساني في المقام.

فنقول: إنّ هذا الجواب عبارة عن أنّ البراءة عن وجوب الأكثر تعارضت بالبراءة عن وجوب الأقلّ وتساقطتا، ووصلت النوبة إلى أصالة البراءة عن الجزئيّة، فجرت البراءة عنها بلا معارض، بناءً على أنّ الأصل الطولي في أحد الطرفين يجري بلا معارض بعد تعارض الأصلين العرضيّين وتساقطهما، فإنّ البراءة عن الجزئيّة في