المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

343

وجوب الأكثر صحّت البراءة عن الكلّيّة المنتزعة من وجوب الأقلّ.

وبهذا تحصّل أنـّه لا يمكن تصحيح الفرق بين البراءة العقليّة والشرعيّة، ولا تفسير الرجوع عن البراءة عن الأكثر إلى البراءة عن الجزئيّة تفسيراً صحيحاً بهذا الوجه.

هذا. وقد مضى توجيه الفرق بين البراءتين من وجهة نظر المحقّق النائيني (رحمه الله)وهو أنّ البراءة عن التقييد تثبت بدلالتها المطابقيّة الإطلاق؛ لكونه متقابلاً مع التقييد تقابل العدم والملكة، وبإمكان المحقّق النائيني أن يفسّر ـ من وجهة نظره هذه ـ العدول عن البراءة عن الأكثر إلى البراءة عن الجزئيّة، وذلك بأن يقال: إنّ البراءة عن الأكثر، أو عن وجوب الزائد لا تثبت الإطلاق؛ لأنّ عدم وجوب الأكثر، أو الزائد أعمّ من وجوب الأقلّ أو عدم وجوب شيء عليه أصلاً. نعم، هو يعلم بوجوب أحدهما عليه، لكن نفي أحد طرفي العلم الإجمالي لا يثبت بالملازمة الطرف الآخر، إلّا بناءً على التعويل على الأصل المثبت، وهذا بخلاف البراءة عن الجزئيّة بعد إرجاعها ـ حسب ما يستفاد من كلام المحقّق النائيني (رحمه الله) ـ إلى البراءة عن التقييد والتقيّد، ونحو ذلك من المفاهيم، فإنّ المطلق عبارة عن وجوب الأقلّ من دون تقييد، ووجوب الأقلّ ثابت بالوجدان، وعدم التقييد ثابت بالأصل، فقد ثبت الإطلاق بالأصل.

وأمـّا تفسير المطلب من وجهة نظر المحقّق الخراساني نفسه، فله (رحمه الله) كلام في الكفاية في الجواب عن السؤال الأوّل توجد فيه عدّة احتمالات، وهو على الاحتمال الثالث منها يصلح جواباً عن كلا السؤالين، وعلى الاحتمال الأوّل الذي هو الظاهر من عبارته، والاحتمال الثاني لا يصلح إلّا جواباً عن السؤال الأوّل دون الثاني، وذلك الكلام هو دعوى أنّ نسبة حديث الرفع إلى أدلّة الإجزاء نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه، وهذا الكلام فيه احتمالات ثلاثة:

الاحتمال الأوّل: ما هو الظاهر من عبارته في الكفاية، وهو أنّ دليل جزئيّة السورة مثلاً غير الواصل إلينا على تقدير وجوده في الواقع مطلق، يشمل صورتي العلم والجهل، كما لو ورد ابتداءً دليل يدلّ على عدم جزئيّة السورة في حال من الحالات، كحال ضيق الوقت مثلاً، فإنّ هذا نسبته إلى دليل جزئيّة السورة نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه، ويتعيّن لا محالة ـ بضمّ هذا الدليل بمدلوله المطابقي إلى دليل وجوب السورة وجزئيّتها في كلّ حال ـ وجوب الأقلّ عند ضيق الوقت، فكذلك الأمر في المقام، فبالجمع بين دليل الإجزاء وحديث الرفع المقيّد لها يثبت