المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

344

وجوب الأقلّ مطلقاً، ومن دون تقييد بالأكثر.

ويرد عليه: أنّ حديث الرفع لا يصلح لتقييد دليل الجزئيّة بمدلوله المطابقي؛ لأنّ دليل الجزئيّة يفيد الحكم الواقعي، وحديث الرفع يفيد الحكم الظاهري، فهما في واديين مختلفين، ولا معنى لتقييد الأوّل بالثاني، وجعل الثاني كالاستثناء للأوّل، وبكلمة اُخرى: أنّ مرتبة العامّ وأدلّة الإجزاء تكون قبل مرتبة الشكّ، ومرتبة جريان حديث الرفع تكون بعد مرتبة الشكّ، وفي مرحلة الحكم الظاهري فكيف يجعل استثناء لتلك المرحلة؟!

الاحتمال الثاني: أنّ نسبة حديث الرفع ـ بلحاظ دلالته الالتزاميّة ـ إلى دليل الجزئيّة نسبة الاستثناء؛ وذلك لأنّ حديث الرفع وإن كان بمدلوله المطابقي يدلّ على الحكم الظاهري، لكنّه بمدلوله الالتزامي ـ حسب تصوّرات المحقّق الخراساني من فرض مراتب للحكم، واستحالة اجتماع مرتبة الفعليّة مع الترخيص الظاهري ـ يدلّ على انتفاء الحكم الواقعي بمرتبته الفعليّة، فهذا نسبته إلى الدليل الدالّ على الحكم الواقعي بمرتبته الفعليّة نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه، بمعنى أنّ دليل الحكم الواقعي الفعلي كان مجملاً مردّداً بين الأقلّ والأكثر، ودليل البراءة دلّ بالالتزام على عدم فعليّة الأمر بالأكثر، فبضمّه إلى دليل وجود أمر فعلي يثبت أنّ الأمر الفعلي متعلّق بالأقل(1)، ولا يعارض ذلك بالبراءة عن الأقلّ، فإنّنا لا نحتمل أن يكون الأمر على تقدير تعلّقه بالأكثر فعليّاً، وعلى تقدير تعلّقه بالأقل غير فعلي(2).

ويرد عليه: بطلان المبنى حيث عرفت فيما سبق مفصّلاً عدم استحالة اجتماع الحكم الواقعي الفعلي مع الحكم الظاهري.

الاحتمال الثالث: دعوى الدلالة الالتزاميّة العرفيّة، بأن يقال: إنّ ما يدلّ على نفي جزئيّة السورة في حال الجهل مثلاً وإن كان بحسب الدقّة العقليّة منسجماً مع فرض رفع وجوب الأكثر من دون إيجاب الأقلّ ظاهراً، لكنّ المستفاد عرفاً من نفي جزئيّة شيء للصلاة في حال، هو وجوب الباقي عليه، بلا تقيّد بذلك الجزء في تلك الحال.


(1) هذا مبنيّ على القول بأنّ المجمل يمكن رفع إجماله بالمبيّن الذي يدلّ على خلاف أحد المعنيين المحتملين في المجمل.

(2) لم يعلم الوجه في عدم احتمال ذلك، واحتمال عكسه.