المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

345

وهذا الوجه متين لو كان دليل نفي جزئيّة السورة دليلاً خاصّاً وارداً في مثل هذا المقام، وأمـّا الدليل الدالّ على (رفع ما لا يعلمون) بنحو الإطلاق المنطبق صدفة على الجزئيّة، فلا يدلّ على ذلك.

هذا. ولو تمَّ هذا الوجه لصلح ـ كما أشرنا إليه ـ جواباً عن السؤال الثاني أيضاّ، بأن يقال: إنّ ما يستفيد منه العرف وجوبَ الباقي ظاهراً إنّما هو لسان رفع الجزئيّة، دون لسان رفع وجوب الأكثر.

 

حول التفتيش عن منجّز للأقلّ

الأمر الرابع: أنّ المحقّق الخراساني (رحمه الله) ذكر بعد دعوى جريان البراءة الشرعيّة عن جزئيّة الزائد ما نصّه:

«لا يقال: إنّما يكون ارتفاع الأمر الانتزاعي برفع منشأ انتزاعه، وهو الأمر، ولا دليل على أمر آخر بالخالي عنه»(1).

وأجاب (رحمه الله) عن هذا الإشكال بجعل نسبة حديث الرفع إلى أدلّة الأجزاء نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه، وهذا ما فسّرناه بوجوه ثلاثة كما عرفت، وحملناه على بيان المبرّر لإجراء البراءة الشرعيّة عن جزئيّة الزائد؛ لأنّه لو لم يوجد منجِّز آخر لأحد طرفي العلم الإجمالي لاتجري البراءة عن الطرف الآخر.

إلّا أنّ السيّد الاُستاذ حمل هذا الإشكال والجواب على أنـّه بصدد التفتيش عن منجّز للأقل، بعد فرض جريان البراءة عن جزئيّة الزائد، فأورد عليه بأنّه لا وجه للتفتيش عن منجّز للأقلّ؛ إذ وجوب الأقلّ معلوم تفصيلاً، فسواءٌ تنجّز الباقي، أم فرض جريان البراءة عنه، لا إشكال في تنجّز الأقلّ بالعلم بوجوبه ضمناً أو استقلالاً، وعلى هذا الأساس ذكر السيّد الاُستاذ: أنـّه لعلّ هذا الكلام كان صادراً من قبل الآخوند بلحاظ رفع الجزء المنسيّ، وأنـّه بعد فرض رفعه ما هو الدليل على وجوب الباقي، حيث لا يمكن رفع الجزء المنسيّ إلّا برفع أصل الأمر؟ فكان جوابه: أنّ نسبة دليل رفع المنسيّ إلى دليل الواجب هي نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه، فوقع


(1) راجع الكفاية: ج2، ص 235 بحسب الطبعة المشتملة على تعليق المشكيني.