المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

347

جريان البراءة، ولو عن خصوص جزئيّة الزائد؛ لأنّ المفروض احتمال وجود أمر فعلي بالأكثر، وعلى تقدير وجوده تكون هذه البراءة مناقضة للواقع، فيلزم من إجراء البراءة احتمال المناقضة.

أقول: إنّ هذا الكلام منه(قدس سره) أكثر انسجاماً مع مبانيه ممّا ذكره في الكفاية هنا؛ إذ مع فرض علّيّة العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة وعدم إمكان الترخيص في المخالفة الاحتماليّة من باب المضادّة بينه وبين الحكم الواقعي الفعلي، لا وجه لدعوى انحلال العلم الإجمالي، وجريان البراءة عن أحد الطرفين بمجرّد وجود منجِّز في الطرف الآخر.

نعم، لو كان مبناه في العلّيّة وعدم إمكان الترخيص في المخالفة الاحتماليّة مبنى المحقّق العراقي من المضادّة بينه وبين حكم العقل بالتنجيز، لا بينه وبين نفس الحكم الواقعي، أمكن دعوى الانحلال بمجرّد قيام منجّز في أحد الطرفين .

ثمّ إنّه لو اخترنا الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة التي فسّرنا به كلامه (قدس سره) في مقام تفتيشه عن منجّز للأقلّ من جعل نسبة حديث الرفع إلى أدلّة الأجزاء نسبة الاستثناء إلى المستثنى منه، أتّجه ما اختاره في الكفاية: من التفصيل بين البراءة العقليّة والشرعيّة. ولم يرد عليه ما أورده في تعليقته على الكفاية؛ وذلك لأنّه في ذلك الوجه تثبت فعليّة الأمر بالأقل؛ إذ يفرض أنّ دليل التكليف مجمل مردّد بين الأمر الفعلي بالأقل والأمر الفعلي بالأكثر، ودليل البراءة في طرف الأكثر ينفي الأمر الفعلي بالأكثر، فتثبت بالملازمة كون الأمر الفعلي متعلّقاً بالأقلّ.

وبكلمة اُخرى: أنّ الاستثناء على هذا الوجه استثناء واقعي، وأمـّا على الوجه الأوّل والأخير فالاستثناء استثناء ظاهري، فيرد عليه ما في تعليقته على الكفاية من فرض احتمال المضادّة بين هذا الحكم الظاهري والحكم الواقعي الفعلي.

هذا تمام الكلام في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر بلحاظ الأجزاء.