المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

35

وأمـّا القول باقتضاء العلم الإجماليّ لوجوب الموافقة القطعيّة ـ الذي ذهب إليه المحقّق العراقيّ(1) والمحقّق الإصفهانيّ(2) (قدس سرهما)، ونسب إلى المشهور، وذهب إليه المحقّق النائينيّ (قدس سره) في تقرير الشيخ الكاظميّ(3) ـ فالذي يستخلص من كلمات المحقّق العراقيّ (رحمه الله) ـ على تشويشها ـ دليلاً على ذلك وجهان:

الوجه الأوّل: أنّ العلم الإجماليّ ـ حسب ما عرفت من مبناه من كون افتراقه عن العلم التفصيليّ في نفس العلم، أو صورة المعلوم بالذات لا في المعلوم بالعرض ـ يكون عارضاً في الذهن على صورة إجماليّة، والعلم التفصيليّ يكون عارضاً في الذهن على صورة تفصيليّة، وليس العلم عارضاً على الواقع الخارجيّ، ببرهان: أنّ العلم يخطأ، ولا يوجد هنا واقع خارجيّ أصلاً، فهنا حدّان ذهنيّان: أحدهما حدّ إجماليّ، والآخر حدّ تفصيليّ، والعلم الإجماليّ عرض على الأوّل، والعلم التفصيليّ عرض على الثاني. أمـّا في الخارج فلا يوجد عدا حدّ واحد، وهو الحدّ الشخصيّ، وليس لما في الخارج حدّان: حدّ إجماليّ وحدّ تفصيليّ، والعلم يعرض على الصورة الذهنيّة لا على ما في الخارج، ولا يسري كلّ من العلمين من حدّه إلى حدّ الآخر، فالعلم الإجماليّ عرض على الحدّ الإجماليّ، ولا يسري إلى الحدّ التفصيليّ، وكذلك العكس ـ أيضاً ـ مستحيل استحالة عروض أيّ عارض على غير معروضه، فإنّ الحدّ الإجماليّ والحدّ التفصيليّ أمران متباينان. وأمـّا التنجّز فليس عارضاً على الصورة الذهنيّة كالعلم حتّى يقال: إنـّه يقف على ما يقف عليه العلم من الحدّ الإجماليّ، ولا يسري إلى الحدّ التفصيليّ، وإنـّما هو عارض على الواقع الذي قلنا: إنـّه ليس له حدّان، وإنـّما له حدّ واحد، وهو حدّه الشخصيّ، فيتنجّز الواقع بهذا العلم، وإذا تنجّز الواقع بهذا العلم تنجّز الطرفان، إذ يحتمل في كلّ واحد من الطرفين وجود الواقع المنجَّز، واحتمال الواقع المنجَّز منجِّز لا محالة، فما يقال من أنـّه كما أنّ العلم الإجماليّ لا يسري كذلك التنجّز لا يسري خلط بين الحدود الذهنيّة المعروضة للعلم والحدّ الخارجيّ المعروض للتنجّز.

ويرد عليه: أوّلاً: أنّ معروض التنجّز ـ حسب ما هو الصحيح من كون المتجرّي


(1)راجع المقالات:ج2، ص 87، ونهاية الأفكار:القسم الثاني من الجزء الثالث، ص309.

(2) راجع نهاية الدراية: ج 2، ص 32ـ 33، وص 343ـ 344.

(3) راجع ج 4، ص 9.