المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

354

تفصيلي واُخرى يلحظ بلحاظ إجمالي، وذلك يشبه اختلاف الرؤية بالإجمال والتفصيل، فقد يرى الإنسان الحديقة برؤية الوحدة والإجمال، وقد يراها برؤية التفصيل وتعدّد الأشياء المتكثّرة من الأوراد والأشجار والأغصان وغيرها.

والخلاصة: أنّ الاختلاف هنا اختلاف لحاظي، لا اختلاف في الملحوظ، ولذا قالوا: إنّ الجنس والفصل أجزاء للحدود، دون المحدود. هذا ما ذهبوا إليه في المقام.

وعليه نقول: إنّ الجنس والنوع إذا لاحظناهما بما لهما من حدّ الكمون والتفصيل كانا متباينين، لا أقلّ وأكثر، فالإنسان بما أنـّه يكمن فيه الحيوان يباين الحيوان الملحوظ بالتفصيل لا بالكمون، لكنّ هذا الحدّ الإجمالي والتفصيلي ليس هو الذي يدخل في العهدة، وإنّما الذي يدخل في العهدة هو ذات المحدود والملحوظ، والنسبة بينهما بما هما ذات المحدود والملحوظ هي نسبة الأقلّ والأكثر، فتأتّي تلك الماهيّة التي هي بالقوّة ـ أعني الحيوان ـ في العهدة قطعيّ، وتأتّي مقدار زائد عليه فيها ـ وهو الفصل ـ مشكوك.

 

التعيين والتخيير الشرعي

المقام الثاني: في دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعي، وبما أنّ الحال يختلف فيه باختلاف المباني في باب التخيير الشرعي، فلذا نتكلّم فيه على كلّ واحد من المباني المهمّة في باب التخيير الشرعي وهي ما يلي:

المبنى الأوّل في باب التخيير الشرعي هو: القول بأنّه عبارة عن عدّة وجوبات مشروطة، فكلّ عِدْل منها واجبٌ بشرط ترك الباقي، وعليه فمعنى الشكّ في كون العتق مثلاً واجباً تعيينياً أو تخييرياً: هو أنـّه هل يكون وجوبه مطلقاً أو مشروطاً بفرض عدم الصوم والإطعام؟، وهذا يعني أنّنا نعلم تفصيلاً بوجوب العتق في حالة عدم الصوم والإطعام، ونشكّ في وجوبه في حالة الصوم أوالإطعام، فنجري البراءة عن وجوبه في تلك الحالة، وبكلمة اُخرى: أنّنا نجري البراءة عن إطلاق الوجوب.

ولا يقاس إطلاق الوجوب بإطلاق الواجب، فإنّ إطلاق الواجب لم يكن تكليفاً زائداً بخلاف إطلاق الوجوب، والوجوب المشروط مع الوجوب المطلق وإن كانا بحدّهما المشروطي والإطلاقي متباينين، لكنّ الذي يدخل في العهدة هو المحدود لا الحدّ، وذات الوجوبين تكون النسبة بينهما نسبة الأقلّ والأكثر، نظير ما