المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

357

إلى التخيير العقلي، بأن يقال: إنّ الواجب عنوان انتزاعي، وهو عنوان أحدهما. وأجرى السيّد الاُستاذ هنا نفس الانحلال الثابت في دوران الأمر بين التعيين والتخيير العقلي، أو بين الأقلّ والأكثر بلحاظ الأجزاء، أو الشرائط، وهو يقول: إنّ ذلك انحلال حكمي، لكنّنا قلنا: إنّه انحلال حقيقي.

فهو يقول هنا بالانحلال بدعوى أنّ وجوب أحدهما معلوم تفصيلاً على كلّ تقدير، ووجوب تخصيص أحدهما بخصوصيّة العتق مثلاً مشكوك تجري عنه البراءة، نظير ما يقال في دوران الأمر بين التعيين والتخيير العقلي: من أنّ وجوب إطعام الحيوان مثلاً معلوم، ووجوب خصوصيّة إطعام الإنسان غير معلوم، فتجري عنه البراءة(1).

ولكنّ هذا منه خلط بين عنوان أحدهما وواقع أحدهما.

فإن فرض أنّ ما هو المعلوم تفصيلاً وجوبه على كلّ تقدير، والذي أوجب انحلال العلم الإجمالي هو عنوان أحدهما الانتزاعي. قلنا: إنّه إنّما يكون عنوان أحدهما معلوم الوجوب على أحد التقديرين: وهو تقدير الوجوب التخييري، وأمـّا على التقدير الآخر فالواجب هو ذات العتق، لا عنوان أحدهما الانتزاعي.

وإن فرض أنّ ما هو المعلوم تفصيلاً وجوبه على كلّ تقدير هو واقع أحدهما، وهو ذات العتق، فمن الواضح ـ أيضاً ـ أنّ هذا الواقع ليس هو معلوم الوجوب على كلّ تقدير، بل على أحد التقديرين، وهو كون الوجوب تعيينيّاً، أمـّا على تقدير التخيير فالواجب هو عنوان أحدهما الانتزاعي، فتخيّل وجود شيء واحد معلوم الوجوب على كلّ تقدير به ينحلّ العلم الإجمالي خلط بين واقع أحدهما وعنوان أحدهما؛ لأنّ الأوّل هو المعلوم على أحد التقديرين، والثاني هو المعلوم على


ص 184، وفوائد الاُصول: ج 1، ص 32، ولعلّ مراد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) من أنـّه يتراءى ذلك من كلمات المحقّق النائيني على تشويش واضطراب في كلامه هو أنّ ما اختاره المحقّق النائيني من أنّ حقيقة الوجوب التخييري هي تعلّق الأمر بكل واحد من الشيئين أو الأشياء على وجه البدليّة، كما ورد في فوائد الاُصول، ج 1، ص 235، أو أنّ حقيقته هي تعلّق التكليف بواقع أحدهما، كما ورد في أجود التقريرات، ج 1، ص 184، لا يتصوّر له معنىً معقول إن لم يرجع ـ ولو ارتكازاً ـ إلى الأمر بالجامع الانتزاعي.

(1) راجع مصباح الاُصول: ج 2، ص 454، والدراسات: ج 3، ص 284.