المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

359

4 ـ ما لو دار الأمر بين وجوب شيء يلازم شيئاً آخر دون العكس ووجوب ذاك اللازم، كما لو علم إجمالاً بوجوب إكرام الخادم أو المخدوم، وفرضنا أنـّه يحصل بإكرام الخادم إكرام المخدوم ـ أيضاً ـ دون العكس.

وكل علم إجمالي يكون من هذا القبيل لا يكون منحلاًّ انحلالاً حقيقيّاً؛ لأنّه بلحاظ ما في العهدة يكون الأمر دائراً بين المتباينين. نعم، بلحاظ ما لابدّ تكويناً من الإتيان به لو أراد حصول الامتثال يكون الأمر دائراً بين الأقلّ والأكثر؛ لأنّ أحدهما لا ينفكّ امتثاله عن الآخر بخلاف العكس، لكنّ هذا انحلال بلحاظ اللابدّيّة التكوينيّة، لا بلحاظ اللابدّيّة الشرعيّة وما يدخل في العهدة شرعاً.

وهنا يجب أن ننتقل من الانحلال الحقيقي إلى البحث عن الانحلال الحكمي، لنرى هل يوجد في المقام انحلال حكمي أو لا؟

والتحقيق: أنـّه إن فرضنا أنّ العلم الإجمالي ينجّز الواقع بمرتبة الموافقة القطعيّة تنجيزاً علّيّاً فلا معنى هنا للانحلال الحكمي، ولابدّ من الاحتياط باختيار العتق؛ لأنّ كلاّ من عنوان العتق وعنوان أحدهما يحتمل أن يكون هو الواقع الذي هو منجّز حسب الفرض.

وإن فرض أنّ العلم الإجمالي إنّما ينجّز الجامع، أو ينجّز الواقع بمقدار الجامع، أو أنّ تنجيزه للواقع بمرتبة الموافقة القطعيّة ليس بنحو العلّيّة، وأنّ تنجيزه بهذه المرتبة نتيجة لتعارض الاُصول في الأطراف، ففيما نحن فيه يتّجه الانحلال الحكمي بجريان البراءة عن وجوب العتق، ولا تعارض بالبراءة عن وجوب أحدهما؛ لأنّ البراءة عن وجوب أحدهما غير جارية بقطع النظر عن المعارضة، فإنّ الهدف من إجراء البراءة هو التأمين عن العقاب، ففي أيّ حال يفترض تأمين هذه البراءة عن العقاب؟ هل في حال الإتيان بأحدهما، أو في حال عدم الإتيان بذلك؟! طبعاً ينبغي أن يطلب منها التأمين في الحال الثاني؛ إذ الحال الأوّل هو حال امتثال عنوان أحدهما، ولا معنى للتأمين عن عقابه في حال امتثاله، وإنّما المقصود من إجراء البراءة هو إثبات عدم استحقاق العقاب لو خالف، ومن المعلوم أنّ الحال الثاني ـ وهو حال ترك عنوان أحدهما ـ مساوق لحال المخالفة القطعيّة للواجب، وترك الجامع رأساً، وثبوت العقاب في هذا التقرير قطعيّ، وليس في هذا الحال عقاب ثان تفرض البراءة مؤمّنة عنه.

وإذا كان المختار في باب العلم الإجمالي التفصيل بين البراءة العقليّة والبراءة