المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

360

الشرعيّة، بأنّ البراءة العقليّة لا تجري بقطع النظر عن المعارضة. وأمـّا البراءة الشرعيّة فهي تجري لولا المعارضة اتّجه هذا التفصيل هنا، فالبراءة العقليّة لا تجري، والبراءة الشرعيّة عن العتق تجري لما عرفت من عدم ابتلائها بالمعارض، وهذا هو مختارنا. نعم، لابدّ من التفتيش عن دليل يشمل في نفسه فرض العلم الإجمالي كالاستصحاب.

هذا. وقد يقال في المقام: إنّ ثبوت العلم الإجمالي من دون انحلال حقيقي بلحاظ ما في العهدة، وإن كان تامّاً في مثل دوران الأمر بين وجوب القيام ووجوب التعظيم المنتزع من القيام وغيره؛ لدوران أمر ما علمنا إجمالاً دخوله في العهدة بين المتباينين، وهما القيام و التعظيم، ولكن في مثل ما نحن فيه ـ وهو دوران الأمر بين عنوان أحدهما وواحد معيّن منهما، وهو العتق مثلاً ـ لا يتمّ ذلك.

والفرق بين الموردين: هو أنـّه فيما نحن فيه لا يتشكّل علم إجمالي بلحاظ ما في العهدة؛ لأنّنا وإن كنّا نعلم إجمالاً بوجوب العتق، أو وجوب أحدهما مثلاً المنتزع منه ومن الصوم مثلاً، لكنّ الذي يمكن أن يدخل في العهدة إنّما هو العتق، وأمـّا عنوان أحدهما فلا يمكن أن يدخل في العهدة؛ إذ هو عنوان يخاط في معمل النفس بوهمها وخيالها ليُلبسه على ما في الخارج، وليس له ما بإزاء في الخارج واقعاً، فليس هذا حاله حال العناوين الانتزاعيّة التي تنتزع باعتبار مالها بإزاء في الخارج، فالتعظيم المنتزع من القيام يكون بلحاظ شيء ثابت مع القيام لولاه لما انتزع ذلك من القيام، فتكوّن العلم الإجمالي بلحاظ ما في العهدة بين أمرين متباينين وهما التعظيم والقيام معقول بخلاف الحال فيما نحن فيه.

والجواب: أنّ عنوان أحدهما وإن كان عنواناً تخيطه النفس لكنّه ليس مجرّد أمر وهمي من قبيل أنياب أغوال، بل هو شيء تصنعه النفس في معملها الخاصّ لتُري به درجة من التغيّر الواقع في العالم الخارجي، فحينما نعرف أنـّه دخل أحد الشخصين في الدار فهذا في الحقيقة يكشف عن نوع تغيّر واقع في العالم الخارجي، وهو عدم انضمام عدم هذا الشخص في الدار إلى عدم انضمام ذاك الشخص فيها، إذن يكون له نحو ما بإزاء في الخارج وبلحاظه يدخل في العهدة.

المبنى الرابع: ما اختاره المحقّق العراقي (رحمه الله) من إرجاع الوجوب التخييري إلى عدّة وجوبات بعدد الأعدال كما هو الحال على المبنى الأوّل، مع فرض ضيق في جانب الوجوبات كما هو الحال أيضاً على المبنى الأوّل، إلّا أنّ الفرق بينه وبين