المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

37

وانطباقه في الخارج، وإذا كان الأمر كذلك فلا محالة تتنجّز تلك الحصّة، وذلك الأمر الموجود في الخارج.

أقول: إنّ هذا الكلام لا يخلو عن غموض، فلو كان مقصوده: أنّ التحصّص والخصوصيّة داخل تحت العلم؛ لأنـّنا علمنا بالجامع مفروغاً عن تحصّصه وتخصيصه في ضمن فرد، فتتنجّز الخصوصيّة؛ لانكشافها لنا، ورد عليه: أنّ ما هو تحت العلم يكون عبارة عن عنوان الخصوصيّة، والانطباق الذي هو أمر كلّي، وما يقصد إثبات تنجيزه عبارة عن واقع الخصوصيّة، فهذا يكون من باب اشتباه العنوان بالمعنون والمفهوم بالمصداق.

ولوكان مقصوده: أنـّه وإن كان ما هو تحت العلم هو عنوان الخصوصيّة والتحصّص لا واقعها، ولكنْ لمّا تعلّق العلم بجامع متخصّص بخصوصيّة، ونحن لا نعلم بواقع تلك الخصوصيّة، إذن لا بدّ أن نأتي بكلا الفردين؛ إذ لو أتينا بأحدهما لم يحصل القطع بالاتيان بالجامع بما هو متخصّص بتلك الخصوصيّة المخصوصة، ورد عليه: أنـّه إنْ اُريد بذلك أنّ حصّة معيّنة من الجامع داخلة تحت العلم فلا بدّ من تحصيل القطع بإتيانها، فهذا غير معقول بعد أن كان المفروض عدم العلم بواقع الخصوصيّة، وإن اعترف بأنّ المقدار المعلوم هو الجامع بين الحصّتين، وادّعى مع هذا تنجّز تلك الحصّة للعلم بتحصّص ذلك الجامع، فلا وجه لذلك؛ إذ المفروض أنّ المقدار المعلوم والمبيّن هو الجامع بين الحصّتين، وخصوصيّة الحصّتين باقية بعدُ تحت قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) .

وكلّ هذه الكلمات إنـّما نشأت من القاعدة التي خلقوها، ثمّ قدّسوها وهي قاعدة (قبح العقاب بلا بيان)، حيث إنّ مقتضى حرفيّتها جواز ارتكاب بعض الأطراف، مع أنّ الوجدان يدلّ بوضوح على أنـّه لو علم إجمالا بحكم من قبل المولى اقتضى ذلك لزوم الموافقة القطعيّة، فوقعوا في ضيق من ناحية التزامهم بمبانيهم المفروغ عن صحّتها عندهم، فالتزم المحقّق النائينيّ (قدس سره) بعدم اقتضاء العلم الإجماليّ لتنجيز الموافقة القطعيّة، واحتال عن طريق تساقط الاُصول، وعزّ على المحقّق العراقيّ (رحمه الله)أن يلتزم بعدم اقتضائه لتنجيزها، فاضطرّ ـ جمعاً بين المبنى والوجدان الحاكم بتنجيز الموافقة القطعيّة ـ إلى أن يتكلّم بهذه الكلمات التي هو أجلّ شأناً من أن لا يلتفت إلى بطلانها، ولو أنـّهم بدلاً عن هذا التزموا بشيء بسيط، وذلك بأن رجعوا إلى أصل المبنى مرّةً اُخرى، وتأمّلوا فيه فتنازلوا عن قاعدة (قبح