المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

40

غالباً أيضاً بغرض ترخيصيّ، واشتبه أحدهما بالآخر، وقد يتّفق أنـّا لا نعلم بغرض ترخيصيّ، كما لو علمنا إجمالاً بنجاسة أحد الإنائين، واحتملنا نجاستهما معاً. ولنتكلّم في الغرض الأوّل، ومنه يظهر الحال في الغرض الثاني.

فنقول: إذا اشتبه غرض لزوميّ بغرض ترخيصيّ؛ لأنـّنا علمنا بوجود نجس وطاهر مثلاً، لكنّنا لم نتمكّن من تمييز أحدهما عن الآخر، فعندئذ يقع التزاحم بين الغرضين: الغرض اللزوميّ وغرض كون المكلّف في سعة، وشعوره بالاختيار، وأنـّه يكون بحيث إن شاء فعل، وإن شاء ترك، وهو تزاحم بحسب عالم المحرّكيّة، وكما أنّ بإمكان المولى أن يوجب الاحتياط في الطرفين تحفّظاً على الغرض اللزوميّ لأهمّيّته، كذلك بإمكانه أن يرخّص لاهتمامه بالغرض الترخيصيّ، فيتحفّظ عليه تحفّظاً كاملاً أو ناقصاً، فإيجاب الاحتياط وكذلك الترخيص كلاهما حكمان ظاهريّان لا ينافيان الحكم الواقعي بعين البيان الذي مضى حرفاً بحرف.

ولكن قد بيّن في المقام المحذور في الترخيص في أطراف العلم الإجماليّ ببعض الوجوه، ونحن نذكر بهذا الصدد كلمات المحقّق النائينيّ والمحقّق الخراسانيّ والمحقّق العراقيّ (قدّس الله أسرارهم) مع مناقشتها:

أمـّا كلام المحقّق النائينيّ(1)(رحمه الله) فهو أنّ الترخيص في تمام أطراف العلم الإجماليّ ترخيص في معصية التكليف الواصل، والترخيص في معصية التكليف الواصل قبيح لا يصدر من المولى الحكيم. وقد تبعه على ذلك السيّد الاُستاذ أيضاً(2).

وحاصل هذا الكلام هو دعوى المضادّة بين الحكم الظاهريّ وحكم العقل، ساكتاً عن المضادّة بين الحكم الظاهريّ والحكم الواقعيّ المعلوم بالإجمال، وهذا السكوت حسن؛ إذ لا مضادّة بينهما.

وعلى أيّة حال، فهذا الوجه ـ كما ترى ـ موقوف على كون قبح المعصية تنجيزيّاً غير معلّق على شيء يرفعه الشارع، وإلاّ لارتفع موضوع القبح. فلنتكلّم في هذه النقطة، وهي تنجيزيّة قبح المعصية .

فنقول: إنـّنا لا نساعد على تنجيزيّة قبح المعصية إلاّ بمعنيين:


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 6، وأجود التقريرات: ج 2، ص 241.

(2) راجع مصباح الاُصول: ج 2، ص 346، والدراسات: ج 3، ص 220.