المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

402

إمكان الالتفات إلى العجز

الجهة الاُولى: أنـّه مضى في البحث السابق إبداء شبهة أنّ الناسي لا يمكن أن يوجب عليه الباقي؛ لأنّه لو التفت إلى نسيانه خرج عن كونه ناسياً، وإلّا فلا يصله الخطاب، وقد مضى حلّ هذه الشبهة، ومضى أنّ بعضهم ربطوا بحث جريان البراءة وعدمه نفياً وإثباتاً بهذه الشبهة، فإن تمّت فلا مجال للبراءة، وإلّا فتجري البراءة، وإن كنّا نحن بيّنّا أنّ جريان البراءة وعدمه غير مرتبط بهذه الشبهة وجوداً وعدماً.

وأمـّا هنا فلا موضوع لتلك الشبهة رأساً؛ إذ لا مانع من توجّه العاجز إلى عجزه ولا يخرج بذلك عن كونه عاجزاً، فيمكن توجيه الخطاب إليه بإتيان الباقي، وهذا الفرق بين المبحثين بناءً على تسليم تلك الشبهة في نفسها هناك، وإن كان لا يثمر على مبنانا من عدم ارتباط جريان البراءة وعدمه بتلك الشبهة نفياً وإثباتاً، إلّا أنـّه يثمر على مبنى من يربط جريان البراءة وعدمه بتلك الشبهة نفياً وإثباتاً.

 

وجه الارتباط ببحث الأقلّ والأكثر

الجهة الثانية: أنـّه مضى في ذلك البحث أنّ السيّد الاُستاذ يرجع البحث إلى بحث جريان البراءة وعدمه في الأقلّ والأكثر الارتباطيين، ببيان: أنـّه إن كانت الجزئيّة مطلقة فالواجب خصوص الفرد التامّ، وإن كانت مقيّدة فالواجب هو الجامع بين الفرد التامّ في حال الذكر والفرد الناقص في حال النسيان.

وقلنا هناك: إنّ هذا البحث خارج عن مبحث دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين حكماً في بعض الموارد، كما أنـّه خارج موضوعاً ـ أيضاً ـ في البعض الآخر، فإذا ارتفع النسيان في أثناء الوقت فهنا وإن كان يعلم إجمالاً بوجوب التامّ، أو الجامع بينه وبين الناقص في حال النسيان، لكنّ هذا العلم الإجمالي إنّما حصل بعد خروج أحد طرفيه عن محل الابتلاء، فجريان البراءة هنا غير مربوط بجريان البراءة عند دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين، فهذا خارج عن ذاك المبحث حكماً.وإذا استمرّ النسيان في تمام الوقت فالعلم الإجمالي إنّما هو علم إجمالي بين المتباينين؛ إذ يعلم إجمالاً بوجوب الناقص في الوقت أو التامّ في خارج الوقت، فهذا خارج عن بحث الأقلّ والأكثر موضوعاً، ومع كون الأمر دائراً بين المتباينين تجري البراءة؛ لأنّ العلم الإجمالي إنّما حصل بعد خروج أحد طرفيه عن محل الابتلاء.