المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

403

وأمـّا فيما نحن فيه، ففي فرض ارتفاع العجز في الأثناء يكون جريان البراءة وعدمه مرتبطاً بجريان البراءة في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين وعدمه؛ لأنّ العلم الإجمالي حاصل من أوّل الأمر؛ إذ هو من أوّل الأمر ملتفت إلى عجزه، وفي فرض استمرار العجز في تمام الوقت يكون العلم الإجمالي منجّزاً؛ لأنّه علم إجمالي دائر بين المتباينين ثابت من أوّل الأمر، لالتفاته إلى عجزه.

نعم، إذا لم يكن لذلك الواجب قضاء فلا يتشكّل علم إجمالي، بل يشكّ بدواً في وجوب الباقي وتجري البراءة.

ثمّ إنّ هذا العلم الإجمالي وإن كان منجّزاً على مبانينا، لكنّه يمكن الاستشكال في منجّزيّته على بعض المباني كما على مباني المحقّق النائيني (قدس سره)الذي يقول: إنّ تنجيز العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة يكون بمعارضة الاُصول، ومعارضتها تكون باستلزامها للترخيص في المخالفة القطعيّة بحيث يمكن للعبد الوقوع في المخالفة القطعيّة منه مرخصاً فيها، ولذا يقول (قدس سره): بعدم تنجيز العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة من باب عدم إمكان الجمع بين الإطراف، وعلى هذا فنقول: إنّه فيما نحن فيه لا تلزم مخالفة قطعيّة مرخّصاً فيها بما هي مخالفة قطعيّة للعلم الإجمالي؛ وذلك لأنّه إن أتى بالصلاة الناقصة في الوقت لم تلزم مخالفة قطعيّة، وإن ترك الصلاة في الوقت رأساً حصل له العلم التفصيلي بوجوب القضاء.

 

استصحاب وجوب الباقي

الجهة الثالثة: ما يظهر في فرض ثالث غير الفرضين الماضيين ـ من استمرار العجز إلى أثناء الوقت أو إلى آخر الوقت ـ وهو ما إذا كان العجز من أثناء الوقت فقد ذكرت فى المقام مسألة الاستصحاب، أي: استصحاب وجوب الباقي، ووقع البحث عنه، ولا أقصد أنّ التمسّك بالاستصحاب هنا صحيح، وإنّما المقصود أنّ شبهة الاستصحاب جاؤوا بها هنا، ولكن لا يوجد لهم أيّ ذكر عن الاستصحاب في مبحث النسيان(1) والصحيح هو ما صنعوه، فإنّ الاستصحاب على تقدير تماميّته في المقام


(1) المحقّق العراقي (رحمه الله) قد تعرّض في مقالاته ج 2، ص 102 للاستصحاب في فرض النسيان.