المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

404

لا مجال له في مبحث النسيان.

فهنا نتكلّم في مقامين: الأوّل في أنـّه على تقدير تماميّة الاستصحاب هنا، هل يتمّ هناك، أو يوجد هناك فرق بين المقامين في ذلك؟ والثاني في أنـّه هل يتمّ الاستصحاب فيما نحن فيه أو لا؟

أمـّا المقام الأوّل: فالصحيح أنـّه لو تمّ الاستصحاب هنا فإنّه لا يتمّ في باب النسيان؛ إذ في حال النسيان لا يُوجد شكّ لاحق، فإنّ الناسي يرى نفسه ذاكراً وملتفتاً لا ناسياً، وبعد أن صلّى ناقصاً ثمّ تذكّر لا مجال لأن يُثبت وجوب ما أتى به من الباقي في حال النسيان بالاستصحاب؛ لأنّ الحكم الظاهري على ما مضى منّا إنّما هو لحفظ الملاكات الواقعيّة عند التزاحم، والاستصحاب هنا ليس له أيّة حافظيّة لملاك الباقي لو كان، بل انحفظ بنفسه في المرتبة السابقة على الحكم الظاهري، فأي مجال للحكم الظاهري؟!

ولا يقال: إنّه بناءً على إجزاء الأحكام الظاهريّة سوف تترتّب ثمرة على هذا الاستصحاب: وهي الإجزاء وعدم لزوم القضاء، فلا يكون الاستصحاب لغواً.

فإنّه يقال: إنّه لم يكن إشكالنا عبارة عن اللغويّة وعدم الثمرة حتّى يجاب بأنّ ثمرته الإجزاء بناءً على القول به، وإنّما إشكالنا عبارة عن أنّ حقيقة الحكم الظاهري هي الأحكام الحافظة لملاكات الأحكام الواقعيّة عند التزاحم في باب الشكّ، وهذا ما لا يتصوّر في المقام، والإجزاء إنّما هو فرع تحقّق الحكم الظاهري في نفسه وتماميّته، وهنا لا يتمّ الحكم الظاهري؛ لأنّ الملاك الواقعي انحفظ في المرتبة السابقة على الحكم الظاهري لا بالحكم الظاهري.

وأمـّا المقام الثاني: فالإشكال المتبادر إلى الذهن في اوّل النظر في هذا الاستصحاب هو أنّ الوجوب المتيقّن سابقاً للباقي هو الوجوب الضمني، والمشكوك لاحقاً هو الوجوب الاستقلالي له، فكيف يستصحب الوجوب السابق مع القطع بارتفاعه؟ وفي مقام دفع هذا الإشكال تذكر عدّة تقريبات للاستصحاب في المقام:

التقريب الأوّل: أن يحوّل مركز الاستصحاب من الفرد إلى الجامع فيُستصحب جامع الوجوب الضمني والاستقلالي للباقي.

ويرد عليه: أوّلا: أنّ هذا من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي، وهو استصحاب الجامع بين الفرد المقطوع الارتفاع والفرد المشكوك الحدوث، وهو غير