المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

406

من الواضح أنّ هذا ليس حكماً شرعيّاً ولا موضوعاً لحكم شرعي، وإنّما الواجب علينا هو واقع الصلاة لا مسمّى الصلاة بما هو مسمّى الصلاة.

التقريب الثانيّ: هو التفصيل بين الجزء الذي يعدّ ركناً ومقوّماً للصلاة والجزء الذي يعدّ وجوده وعدمه من حالات الصلاة لا مقوّماً لها بحيث يتبدّل بانتفائه الموضوع.

وذلك بتقريب أنـّه قد حقّق في بحث الاستصحاب التفصيل بين انتفاء ما يعدّ جهة تعليليّة وما يعدّ جهة تقييديّة، فمع انتفاء الجهة التقييديّة لا مجال للاستصحاب؛ لعدم الشكّ اللاحق والجزم بالارتفاع، ومع انتفاء الجهة التعليليّة يجري الاستصحاب؛ لوجود اليقين السابق والشكّ اللاحق، فنطبّق هذه القاعدة على ما نحن فيه، ونقول في موارد العجز عن الأجزاء التي تعدّ جهة تعليليّة باستصحاب وجوب الباقي؛ لأنّه عرفاً عين الموضوع السابق قد علم سابقاً بوجوبه وشكّ لاحقاً في وجوبه فيستصحب وجوبه.

وتوضيح بطلان هذا التقريب يكون بشرح فكرة التفصيل بين الجهة التعليليّة والتقييديّة، وهذا موكول إلى بحث الاستصحاب، إلّا أنّنا نقول هنا إجمالاً: إنّ الجهة المنتفية التي يراد أن يُرى أنّها تعليليّة أو تقييديّة تارة يُفرض القطع بكونها دخيلة في شخص الحكم المعلوم حدوثاً وبقاءً، غاية الأمر أنـّه يحتمل بعد انتفائها ثبوت حكم آخر مماثل للحكم الأوّل، وفي هذا القسم لا مجال للاستصحاب ولو فرضت الحيثيّة تعليليّة لا تقييديّة فإنّها سواء كانت تقييديّة أو تعليليّة نحن نعلم بانتفاء الحكم عند انتفائها ولو لأجل انتفاء علّته، وإنّما نحتمل حكماً آخر غير الحكم الأوّل، فهنا لا مجال للاستصحاب؛ لعدم الشكّ اللاحق في بقاء الحكم السابق والقطع بارتفاعه.

واُخرى يفرض الشكّ في كونها دخيلة في الحكم المعلوم وعدمه، أو الجزم بدخلها حدوثاً والشكّ في دخلها بقاءً، وعندئذ يتحقّق الشكّ اللاحق في بقاء الحكم السابق سواء كانت الجهة تعليليّة أو تقييديّة؛ إذ على تقدير دخلها بقاءً يكون الحكم منتفياً، وعلى تقدير عدم دخلها بقاءً أو عدم دخلها لا حدوثاً ولا بقاءً يكون شخص ذلك الحكم باقياً، إلّا أنـّه لا نقول ـ عندئذ ـ بجريان الاستصحاب مطلقاً، بل نفصّل بين فرض كون الجهة تعليليّة وكونها تقييديّة؛ لأنّه إذا كانت الجهة تقييديّة فلا يُمكننا أن نشير إلى شخص الباقي ونقول: إنّ هذا كان ذا حكم كذائي والآن كما كان؛ لأنّ هذا يعدّ غير الشيء السابق الذي كان ذا حكم كذائي، فمثلاً إذا جاز تقليد المجتهد ثمّ زال اجتهاده فلا يصحّ أن يقال: إنّ هذا الشخص بما هو هذا الشخص كان يجوز تقليده فالآن كما كان؛ لأنّ الاجتهاد يعدّ حيثيّة تقييديّة لجواز التقليد، فيقال: إنّه فيما سبق