المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

407

كان يقلَّد المجتهد بما هو مجتهد وهذا ليس مجتهداً. وهذا بخلاف ما إذا كانت الجهة تعليليّة بمناسبات الحكم والموضوع في نظر العرف كالتغيّر في الماء المتغيّر مثلا فيشار إلى الموضوع المعيّن ويقال: إنّ هذا كان نجساً والآن كما كان بحسب الاستصحاب. وتوضيح ما ذكرناه وتفصيله موكول إلى بحث الاستصحاب.

إذا عرفت ذلك قلنا: إنّ ما نحن فيه من قبيل القسم الأوّل، فإنّ المفروض أنّ الحكم المتيقّن إنّما هو وجوب تمام الأجزاء، فهو ينتفي حتماً بتعذّر بعض الأجزاء، ويكون ذلك الجزء دخيلاً في الحكم حدوثاً وبقاءً ولو فرض كون الجهة تعليليّة، وأمـّا الحكم بوجوب الباقي فهو حكم آخر، ولا مجال لإثباته بالاستصحاب، فدعوى دخول ما نحن فيه في قاعدة التفصيل في الاستصحاب بين موارد الحيثيّة التقييديّة وموارد الحيثيّة التعليليّة؛ توهّم باطل، وقد نشأ ذلك من الاشتباه الصادر منهم في مبحث الاستصحاب عند التفصيل بين موارد الحيثيّة التقييديّة وموارد الحيثيّة التعليليّة حيث تخيّلوا أنّ كون الحيثيّة تعليليّة يساوق تحقّق الشكّ اللاحق وعدم الجزم بزوال الحكم السابق، وهذا يوجب التفصيل، مع أنـّه ليس كذلك، بل هما شيئان مختلفان لايرتبط أحدهما بالآخر، فقد تكون الحيثيّة تعليليّة ومع ذلك لا يوجد شكّ لاحق، بل يقطع بانتفاء الحكم السابق، فلا مجرى للاستصحاب، وقد يكون الشكّ اللاحق ثابتاً لكنّ الحيثيّة تقييديّة فلا يجري الاستصحاب أيضاً، على ما يأتي تفصيله في محلّه إن شاء اللّه.

التقريب الثالث: هو أنّ وجوب الباقي بعد تعذّر أحد الأجزاء هو عين وجوبه قبل التعذّر إلّا أنـّه يختلف عنه في الحدّ؛ لأنّ الوجوب كان قبل التعذّر منبسطاً على الجزء الزائد، والآن انكمش عنه ووقف على سائر الأجزاء، ونحن نستصحب ذات المحدود بقطع النظر عن الحدود من قبيل استصحاب ذات الحمرة بعد القطع بزوال شدّتها.

أقول: إن اُريد تصوير حركة الانبساط والانقباض في عالم الحبّ وما فوقه، فهو محتمل البقاء حتّى بلحاظ الجزء المتعذّر، وإن اُريد تصويرها في عالم التكليف والاعتبار فهو غير معقول؛ فإنّ التكليف والاعتبار ليست له حركة الانبساط والانقباض، وإنّما هو أمر ساكن وثابت على النحو الذي اُنشِىء واعتُبِر، والتكليف بالباقي مباين للتكليف بالمجموع.

نعم، يمكن استصحاب وجود مبادىء الحكم من الحبّ وما فوقه في الباقي لولا ما سيجيء من إشكال الدوران بين قبوله للتنجّز وعدم قبوله له.

هذا، وقد تحصّل إلى هنا عدم تماميّة شيء ممّا ذكروه من الأجوبة عن