المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

408

الإشكال الرئيسي الماضي الذي ذكره الأصحاب في المقام، وهو أنّ المشكوك اللاحق غير المتيقّن السابق؛ لأنّ المتيقّن السابق هو الوجوب الضمني للباقي، والمشكوك اللاحق هو الوجوب الاستقلالي له.

إلّا أنّ هذا الإشكال مبنيّ على تصوّر خاطىء في المقام: وهو تخيّل أنّ الباقي لو كان واجباً عليه عند العجز عن الجزء الزائد فإنّما يجب عليه ذلك بخطاب مستقلّ، وهذا التصوّر غير صحيح، فإنّه مضى في مبحث النسيان إمكان تصوير الخطاب من أوّل الأمر بنحو يُوجب الإتيان بالأقلّ عند النسيان، وكذلك الأمر فيما نحن فيه، فمن الممكن تصميم الخطاب من أوّل الأمر بنحو يوجب الإتيان بالتامّ عند القدرة والإتيان بالناقص عند العجز؛ وذلك بأن يوجب المولى من أوّل الأمر الجامع بين التامّ عند القدرة والناقص عند العجز، فلو كان الخطاب في الواقع هكذا فالباقي بعد العجز واجب بنفس الوجوب السابق، إذن فقد شككنا في بقاء وجوب الباقي الثابت عليه فيما سبق وعدمه، فإنّه إن كان ذلك الوجوب وجوباً للتامّ فهو غير باق، وإن كان وجوباً للجامع بين وجوب التامّ في حال القدرة ووجوب الناقص في حال العجز فهو باق، فاستحصاب وجوب الباقي لا يرد عليه الإشكال الذي ذكره الأصحاب.

نعم، يرد عليه: أنّ الوجوب السابق على أحد التقديرين غير قابل للتنجيز حين العجز، وهو تقدير كونه وجوباً للتامّ، فاستصحاب الوجوب السابق استصحاب للجامع بين ما يقبل التنجّز وما لا يقبل التنجّز، فإن اُريد بذلك إثبات هذا الجامع فقط فهذا الجامع لا يتنجّز بالعلم الوجداني فضلاً عن الاستصحاب، وإن اُريد بذلك إثبات التقدير الآخر فهو تعويل على الأصل المثبت.

وبمثل هذا نجيب عن التقريب الذي أشرنا إليه للاستصحاب من استصحاب بقاء مبادىء الحكم في الباقي، فإنّه على تقدير كونها منبسطة على الجزء غير المقدور كما كانت كذلك قبل العجز لا تقبل التنجّز، وعلى تقدير انكماشها ووقوفها على الباقي تقبل التنجّز، فإن اُريد إثبات التقدير الثاني كان الأصل مثبتاً، وإلّا لم يترتّب على هذا الاستصحاب تنجيز.

 

وجوب الباقي بقاعدة الميسور

الجهة الرابعة: أنّة قد يثبت في المقام وجوب الباقي بعد العجز عن الزائد بدليل اجتهادي وهو ما يسمّى بقاعدة الميسور.