المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

41

الأوّل: أنـّه ليس للمولى رفع مولويّته حتى تجوز بالتالي معصيته، أي أنّ العبد يجب أن يكون كالخاتم في يد المولى يحرّكه كيفما شاء، ولا يمكن للمولى أن يسلب عن نفسه هذا الحقّ. وهذا كلام صحيح لا إشكال فيه، إلاّ أنـّه غير مرتبط بما نحن فيه، فإنّ المولى بتقديمه تشريعاً لغرضه الأهمّ الذي هو الغرض الترخيصي على غرضه المهمّ لم يسلب عن نفسه حقّ المولويّة، وإدارة المكلّف كيفما شاء، وإنـّما أعمل بذلك حقّ المولويّة.

الثاني: أنـّه بعد أن كان حقّ المولويّةـ الذي هو عبارة عن حقّ تحرّك العبد حسب تحريك مولاه ـ ثابتاً وغير مسلوب عن المولى لا يمكن للمولى أن يرخّص العبد في مخالفة هذا الحقّ، وهتكه لحرمة مولاه. وهذا أيضاً صحيح لا إشكال فيه، إلاّ أنـّه أيضاً غير مربوط بما نحن فيه، فإنّ تقديم المولى لغرضه الأهمّ الترخيصيّ على غرضه المهمّ ليس عبارة عن ترخيص العبد في سلب المولى حقّه وظلمِه، وإنـّما حقّ المولى على العبد هو تحرّكه حسب ما يحبّ المولى بعد إعماله لكلّ ملاحظاته وتشريعاته وحسابه لتمام أقسام التزاحمات بين أغراضه، وليس تقديمه للغرض الأهمّ الترخيصيّ إلاّ إعمالاً لمولويّته، لا ترخيصاً للعبد في هتك حرمته، وكيف تنهتك حرمته بالمشي حسب ميله بعد ملاحظته لتمام أغراضه المتزاحمة؟!

فهذان معنيان لتنجيزيّة قبح المعصية لا إشكال فيهما، لكنّهما لا يرتبطان بالمقام.

وليس هنا شيء ثالث إلاّ دعوى أنـّه ليس للمولى تقديم غرضه الأهمّ الترخيصيّ على غرضه المهمّ الإلزاميّ، ولا بدّ من إطاعة غرضه الإلزاميّ وإن كان غرضه الترخيصيّ أهمّ عنده، وهذا ـ في الحقيقة ـ تحديد لمولويّة المولى كتحديد مولويّته في الاُمور غير المقدورة للعبد، إذ ليس للمولى إلزام العبد بها، ومن المعلوم أنّ تحديد مولويّة المولى في المقام، ومنعه عن أن يُفدي غرضه المهمّ في سبيل غرضه الأهمّ ضروريّ البطلان.

وقد ظهر ممّا بيّنّاه في وجه عدم مضادّة الحكم الظاهريّ للحكم الواقعيّ المعلوم بالإجمال من كونه نتيجة لإعمال قوانين التزاحم بين الأغراض الفرق بين العلم الإجماليّ والعلم التفصيليّ، ووجه عدم إمكان جعل الترخيص في الثاني بخلاف الأوّل، وهو أنـّه في الثاني لا تزاحم بين الأغراض في عالم المحرّكيّة لعدم الاشتباه بينها كي يعمل قوانين باب التزاحم، وتكفي لحفظ الأغراض نفس