المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

412

نعم، لو قلنا: إنّ تقييد كلمة (الميسور) بخصوص الواجبات يوجب تخصيص الأكثر وهو غير جائز، لم يكن وجه لهذا الإشكال، ولكنّ هذا مجرّد فرض وتقدير، فإنّ إخراج أفراد كثيرة بعنوان واحد تدخل تحته جميعاً غير ضائر فيما لو كان الباقي أفراداً عرفيّة، خصوصاً مع فرض كون الأفراد الباقية مع قلّتها أكثر جلاءً وبروزاً في نظر العرف لما هي عليها من الوجوب واللزوم المؤدّي إلى الاهتمام له على نحو أشدّ وأقوى.

ومنها: ما أورده السيّد الاُستاذ على ما في الدراسات(1) وبعد ما تبنّى التفسير الثاني(2) في الرواية وهو حملُها على النفي وإرادة التشريع.

وحاصله: أنّ هذا الحديث إن حُمل على باب الكلّي والفرد فدلَّ على وجوب إكرام باقي العلماء إذا وجب إكرام كلِّ عالم وتعذّر إكرام بعضهم، كان الحديث إرشاديّاً، فإنّ عدم سقوط بعض الأفراد بتعذّر بعض آخر أمر ثابت تكويناً يدركه العقل؛ إذ المفروض كونها واجبات استقلاليّة.

وإن حُمل على باب الكل والجزء فدلّ على ما هو المقصود في المقام من أنـّه لو تعذّر بعض أجزاء المركّب الارتباطي وجب الإتيان بالباقي كان هذا حكماً مولويّاً؛ لأنّ وجوب الباقي وجوب جديد مستقلّ لابدّ له من حكم مولوي جديد، ولا جامع بين الحكم الإرشادي والحكم المولوي، فلا يمكن حمل الحديث على كلا الأمرين، فيتردّد بينهما ويصبح مجملاً، ولا يمكن رفع إجماله بإجراء قانون أصالة المولويّة عند دوران الأمر بين المولويّة والإرشاديّة، فإنّ هذا الأصل إنّما يجري فيما لو اُحرز الموضوع ثمّ دار الأمر بين كونه مولويّاً أو إرشاديّاً، كما لو قال: (لا تأكل الرّمان) ودار الأمر بين كونه مولويّاً أو إرشاداً إلى وجود المفسدة فيه، فيحمل على المولويّة، وأمـّا لو دار الأمر مثلاً بين أن يكون مقصود المولى الأمر بالصلاة فيكون مولويّاً، أو الإخبار بشيء فيكون إرشاديّاً، فلا أصل يقتضي المولويّة، وما نحن فيه من هذا القبيل.

أقول: إنّ التفصيل الذي ذكره في أصالة المولويّة صحيح ولم يذكر نكتته،


(1) ج 3، ص 303 - 304، راجع ـ أيضاً ـ المصباح: ج 2، ص 482.

(2) لم يتبنَّ السيّد الخوئي(رحمه الله) في الدراسات تفسيراً معيّناً للحديث، وتبنّى في المصباح: ج 2، ص 484 تفسيره بالإخبار عن عدم سقوط الواجب والمستحبّ، أو عدم سقوط وجوبه، أو استحبابه.