المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

44

الواقعيّ نتيجة مضادّته لحكم العقل.

وتوضيح ذلك يتوقّف على استذكار ما مضى في بحث الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ من مختاره في الجمع بينهما، وهو أنـّه (قدس سره)يتصوّر أنّ للمولى في الأحكام الواقعيّة إرادتين مولويّتين: إحداهما: المطلوبيّة النفسيّة لذات الصلاة مثلاً، والاُخرى: الغرض المقدّميّ المتعلّق بخطابه بقوله: (صلِّ)، فإنـّه يخاطب بهذا الخطاب، بغرض تحريك العبد نحو الصلاة، وتحصيل الغرض الأوّل، ويقول: إنّ الحكم الظاهريّ فيه محذوران: أحدهما: محذور مضادّته من حيث المبدأ للغرض الأوّل، والآخر: محذور كونه نقضاً للغرض الثاني، فيدفع (رحمه الله)المحذور الأوّل بتعدّد الرتبة بالتفصيل الذي مضى في محلّه، والمحذور الثاني بأنّ الغرض المقدّميّ المتعلّق بالمقدّمة ـ وهو إيصالها إلى ذي المقدّمة ـ يستحيل أن يكون أوسع من مقدار قابليّة المقدّمة للإيصال إلى المطلوب، ومقدار قابليّة الخطاب للإيصال هو الإيصال على تقدير تنجّزه، فمع عدم تنجّزه، إمّا بنفسه لقاعدة (قبح العقاب بلا بيان)، أو بواسطة نفس الترخيص الظاهريّ، لا موضوع للغرض المقدّميّ، حتى يلزم من الترخيص الظاهريّ نقض الغرض .

هذا ما أفاده (رحمه الله) في الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ، وقد مضى تفصيل الكلام فيه والتعليق عليه في محلّه.

أمـّا استثمار هذا المطلب في المقام فكما يلي:

إنّ العلم الإجماليّ يؤثّر في تنجيز المعلوم بالإجمال، وهذا التأثير إن فرضناه معلّقاً على عدم ترخيص الشارع، فلا مانع من ترخيصه في المقام؛ إذ لا يضادّ حكم العقل لارتفاع موضوعه به، ولا الغرض المقدّميّ للخطاب؛ اذ يرتفع بالترخيص تنجيزه، فينتفي موضوع الغرض المقدّميّ، فلا يحصل نقض الغرض، ولا الغرض النفسيّ الواقعيّ؛ لأنّ تعدّد الرتبة بالتقريب الثابت في موارد الشكّ البدويّ ثابت هنا أيضاً. وإن فرضناه تنجيزيّاً فالترخيص يضادّ حكم العقل لتنجيزيّته والغرضَ المقدّميّ لتماميّة موضوعه؛ إذ الخطاب قابل للتحريك والإيصال إلى المطلوب لغرض تنجّزه، فقد تعلّق به الغرض المقدّميّ.

ثمّ يختار (رحمه الله) تنجيزيّة حكم العقل بتقريب: أنّ التضادّ بين الحكم الواقعيّ المعلوم بالإجمال والترخيص ارتكازيّ، والتضادّ بينهما معلول لتنجيزيّة حكم العقل، فتثبت بذلك تنجيزيّة حكم العقل.