المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

46

أنّ التضادّ بين الحكم الواقعيّ والترخيص إنـّما ينبع من حكم العقل بالتنجيز، حتى مع فرض الترخيص، فكيف يعقل أن يكون حكم العقل به أجلى من حكم العقل بالتنجيز حتى يستدلّ به عليه؟!

والظاهر أنّ ما أوقعه (رحمه الله) في هذا الاشتباه هو الخلط بين الارتكاز العقلائيّ والعقليّ(1).

ومنها: ما أوردناه على المحقّق النائينيّ (قدس سره): من أنّ تنجيزيّة حكم العقل بقبح المعصية لا نتعقّلها بوجه صحيح، إلاّ بمعنيين ليس لهما أثر فيما نحن فيه، كما مضى شرح ذلك.

هذا. وللمحقّق العراقيّ (قدس سره) كلام آخر في إثبات تنجيزيّة حكم العقل، غير الذي ناقشناه حتى الآن(2)، وهو أنـّه بعد أن تعلّق العلم بالحكم، فأيّ أثر يتعقّل للإجمال الموجود في المقام؟ وكيف يمنع العلم عمّا له من التنجيز الحتميّ؟ وقال (رحمه الله): لا إجمال أصلاً في المقام فيما هو موضوع التنجيز، فإنـّه وإنْ تردّد الأمر بين وجوب الصلاة ووجوب الصوم مثلاً، لكن موضوع حكم العقل بوجوب الطاعة ليس هو أمر المولى بالصلاة بخصوصيّة كونه أمراً بالصلاة ـ نظير أن يكون موضوع وجوب إطاعة


(1) وكأنّ مقصود المحقّق العراقي: جعل ارتكاز التضادّ بين الحكم الواقعيّ والترخيص في مورد العلم التفصيليّ شاهداً على تنجيزيّة أثر العلم التفصيليّ، وبالتالي شاهداً على تنجيزيّة أثر العلم الإجماليّ أيضاً، بعد ما بيّن من أنّ العلم الإجماليّ بالقياس إلى المصبّ القابل للتنجيز تفصيليّ، فالإشكال عليه بأنـّه لا يمكن أن يكون حكم العقل بالتضادّ أجلى من حكمه بالتنجيز، وينبغي إيراده عليه بلحاظ نفس العلم التفصيليّ ابتداءً لا بلحاظ العلم الإجماليّ، ولولا هذا كان بإمكانه أن يقول في الجواب عن هذا الإشكال: إنّ ارتكاز التضادّ في التفصيليّ أجلى من التنجيز في الإجماليّ.

(2) الظاهر أنّ المحقّق العراقي(رحمه الله) يرى هذا الكلام مع الكلام السابق وجهاً واحداً، فهو يثبت أنّ العلم الإجماليّ كالعلم التفصيليّ بهذا لبيان الموجود هنا، ويثبت أنّ العلم التفصيليّ تأثيره تنجيزيّ، وليس تعليقيّاً بالبيان الماضيّ، ويستنتج من مجموع الأمرين: أنّ تأثير العلم الإجماليّ إذن تنجيزيّ. راجع المقالات: ج 2، ص 86 ـ 87، ونهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 305 ـ 307.