المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

48

بمراجعة الفهم العرفي، فمثلاً لو قال مولىً عرفيّ لعبده: إذا رأيت شخصاً يغرق ولم تحرز كونه محبوباً لي وأنـّي أهتمّ بنجاته، فليس من اللازم عليك إنجاؤه، ثمّ رأى العبد شخصين يغرقان يعلم إجمالاً بأنّ واحداً منهما محبوب للمولى، ويهتمّ المولى بنجاته، فتركهما حتى غرقا معاً، ثمّ اعتذر عند المولى: بأنـّي رأيت أنّ كلّ واحد منهما داخل تحت العنوان الذي بيّنته من عدم إحراز كونه محبوباً لك فتركته، لعُدّ ذلك من المضحكات.

وبكلمة مختصرة: أنّ عدم شمول دليل الترخيص لأطراف العلم الإجماليّ ـ يكون في المرتبة السابقة عن التفتيش عن نكتة ذلك ـ من الواضحات بحسب الفهم العرفي.

وأمـّا النكتة في ذلك فأمران:

الأمر الأوّل: أنـّنا لا ندّعي أنّ قوله مثلاً: (ما لا يعلمون) غير شامل لهذا الطرف أو لذاك الطرف، حتى يقال: إنّ هذا خلاف الإطلاق ومقدّمات الحكمة، بل إنـّنا نقول: إنّ المحمول الذي حمل على موضوع (ما لا يعلمون) يوجد فيه ضيق، فبالرغم من تطبيقه على موضوعه في ما نحن فيه لا يثبت التأمين، وذلك لأنّ الظاهر عرفاً من الترخيص في المشكوك بما هو مشكوك المستفاد منه عرفاً الحكم الظاهريّ، إنـّما هو عدم الاهتمام بالإلزام الاحتماليّ، والمشكوك بما هو كذلك في قبال الترخيص الاحتماليّ، وتقدّم الثاني على الأوّل لأقوائيّته محتملاً كما في الاُصول، أو احتمالاً كما في الأمارات، فليكن فيما نحن فيه ـ أيضاً ـ الإلزام الاحتماليّ في كلّ واحد من الجانبين بما هو كذلك غير مهتمّ به في قبال الترخيص الاحتماليّ، لكنّ هذا لا ينافي الاهتمام من جهة اُخرى، وذلك بأن يهتمّ بالإلزام القطعيّ في قبال ما اشتبه من ترخيص قطعيّ أو احتماليّ، فبالنتيجة إنـّما تثبت البراءة في خصوص تزاحم الأغراض في باب الشبهات البدويّة.

وبكلمة اُخرى: أنّ هنا لونين من التزاحم: أحدهما: تزاحم غرض إلزاميّ احتماليّ لغرض ترخيصيّ احتماليّ، والآخر: تزاحم غرض إلزاميّ قطعيّ لغرض ترخيصيّ قطعيّ، وهذان القسمان كما هما مختلفان ذاتاً، قد يختلفان حكماً، فيحفظ مثلاً جانب الإلزام قطعيّاً أو احتماليّاً في مورد العلم الإجماليّ، في حين أنـّه لم يحفظه في الشكّ البدويّ، ولا ملازمة بين تقديم جانب الترخيص في مورد الشكّ البدويّ، وتقديمه في مورد العلم الإجماليّ، فإنّ الذي يخسر المولى في مقابل