المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

485

الإشكال الرابع: ما ذكره المحقّق الاصفهاني (رحمه الله)(1) من منافاة هذه الفرضية التي وضعها هنا للفرضية التي وضعها في كيفية تصوير صحّة إعادة الصلاة مع الجماعة بعدما صلاّها منفرداً من أنّ عمل المكلّف ليس علة لتحقّق الغرض، وإنّما هو مقدّمة إعداديّة، فيمكن أن يؤتى قبل حصول الغرض بفرد آخر فيختار اللّه أحبّهما إليه مثلاً، كما في بعض الأخبار، من قبيل أنّ المولى يعطش فيطلب الماء من عبده فيأتي له بالماء ثم يأتي له بماء آخر أبرد وأطيب قبل أن يشرب الماء الأوّل.

بيان المنافاة هو: أنّ صلاة التمام التي أتى بها هذا الجاهل إن أوجدت المصلحة والغرض فكيف يمكن إعادتها جماعة قبل ارتفاع الجهل؟! وإن كانت مجرّد مقدّمة إعدادية ولم تتحقّق المصلحة بعدُ فلماذا لا يمكن إعادتها قصراً بعد ارتفاع الجهل فيختار اللّه الثاني، ولم تستوفِ بعدُ مصلحة الجامع حتّى يقال: إنّ المصلحة الزائدة لا يمكن استيفاؤها بعد استيفاء أصل المصلحة؟!

ويرد عليه: أنّه يمكن أن يفرض أنّ التمام له أثران: أحدهما الإعداد لأصل المصلحة، وثانيهما إبطال إعداد القصر، وإشكال المحقّق الاصفهاني (قدس سره) نشأ من الأخذ بحرفيّة كلام المحقّق الخراساني (رحمه الله) حيث فرض أنّ استيفاء أصل المصلحة يمنع عن استيفاء المصلحة الزائدة.

الإشكال الخامس: ما ذكره نفس المحقّق الخراساني (رحمه الله) وأجاب عنه.

أمّا الإشكال فهو: أنّ التمام بناءً على هذا مانع عن الإتيان بصلاة القصر صحيحة، وعدم التمام مقدّمة لصلاة القصر الواجبة، فهو واجب فنقيضه وهو الإتيان بالتمام حرام، فلا يمكن التقرّب به.

وأمّا الجواب: فهو أنّ التمام والقصر وإن كانا ضدّين لكن عدم أحد الضدّين ليس مقدّمة للضدّ الآخر كما ثبت في بحث مقدّمة الواجب.

وأورد عليه المحقّق الاصفهاني (قدس سره)(2) بأنّ التضادّ إنّما هو بين معلولي التمام والقصر وهما الملاكان، ومن المعلوم أنّ عدم علّة أحد الضدّين يكون أحد أجزاء علّة الضدّ الآخر.

أقول: إنّ جواب المحقّق الخراساني (قدس سره) عن الإشكال وإن لم يكن صحيحاً لما


(1) راجع نهاية الدراية: ج 2، ص 316.

(2) راجع نهاية الدراية: ج 2، ص 316.