المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

49

الحفظ القطعيّ لغرضه الترخيصيّ في مورد الشكّ البدويّ هو فوت غرض إلزاميّ احتماليّ لغرضه، لكنّ الذي يخسر المولى في مقابل الحفظ القطعيّ الترخيصيّ في مورد العلم الإجماليّ هو فوت غرض قطعيّ، وهذا المحذور أشدّ، فقد يكون مقتضى إعمال قوانين باب التزاحم بين الغرض الإلزاميّ والترخيصيّ الاحتماليّين تقديم الثاني، ومقتضى إعمالها بين الغرض الإلزاميّ القطعيّ والغرض الترخيصيّ تقديم الأوّل، وفي مورد العلم الإجماليّ يكون كلا اللّونين من التزاحم ثابتاً، فبلحاظ كلّ طرف في نفسه يوجد تزاحم غرض احتماليّ إلزاميّ لغرض احتماليّ ترخيصيّ، وبلحاظ كلا الطرفين يوجد تزاحم غرض إلزاميّ قطعيّ لغرض ترخيصيّ، فيجب إعمال قوانين باب التزاحم بلحاظ كلّ واحد منهما، ومثل قوله: (رفع ما لا يعلمون) لا تكفي دلالته بالإطلاق على تقديم جانب الغرض الترخيصيّ في مورد العلم الإجماليّ في التزاحم الأوّل لإثبات تقدّمه في التزاحم الثاني أيضاً؛ لما عرفت من عدم الملازمة بينهما، والعُرف إنـّما يفهم ـ بحسب المناسبات اللغويّة واللفظيّة ـ من مثل (رفع ما لا يعلمون) تقديم جانب الغرض الترخيصيّ بلحاظ القسم الأوّل من التزاحم، ولا يفهم تقديمه بلحاظ القسم الثاني أيضاً، والنكتة في ذلك هي مناسبة العنوان المأخوذ في الكلام مع الحكم(1)، حيث إنّ العنوان المأخوذ في الكلام هو


(1) إنـّي أرى أنّ هذا المقدار من المناسبة لا يصلح نكتة لظهور دليل الترخيص في المعنى المدّعى في المقام، فالصحيح ذكر نكتة اُخرى لذلك: وهي أنّ أدلّة الترخيص عادةً تدلّ ـ بحسب الفهم العرفي ـ على الحكم الحيثيّ، فإذا قال المولى مثلاً: (الجبن حلال) لا يفهم من ذلك أكثر من أنّ الجبن من حيث هو جبن حلال. أمـّا لو فرضت حرمته صدفة في مورد مّا لكونه مغصوباً، أو لكونه مضرّاً بسلامة جسم الآكل، أو لسبب آخر كنهي الوالد مثلاً، فهذا لا يعتبر تقييداً لإطلاق قوله: (الجبن حلال)، ولا يقع التعارض مثلاً بالعموم من وجه بين دليل حلّيّة الجبن ودليل حرمة أكل المغصوب، كي يقدّم الثاني على الأوّل ببعض البيانات، بل يقال رأساً: إنّ قوله: (الجبن حلال) إنـّما دلّ على حلّيّة الجبن في ذاته، وهذا لا ينافي حرمته من حيث الغصب، وعليه فقوله: (رفع ما لا يعلمون) أيضاً من هذا القبيل، فهو يدلّ على أنّ (ما لا يعلمون) من حيث إنـّه (ما لا يعلمون) لا محذور في ارتكابه، وهذا لا ينافي وجود محذور في ارتكابه صدفةً من حيث كونه معلوماً بالإجمال.