المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

502

يكون بعدد أقلّ وبنحو أسرع جداً. إذا عرفت هذا قلنا:

إنّ التواتر الكمّي هنا غير موجود حتماً، فإنّ روايات الباب ليست كثيرة بتلك المرتبة من الكثرة كما هو واضح، وأمّا التواتر الكيفي فهنا تكون وحدة المصبّ ثابتة، فإنّ هذه الأخبار تجتمع في نفي الضرر، إلّا أنّ الإنصاف رغم ذلك عدم تماميّة التواتر الكيفي؛ لقلّة أفراد الروايات في المقام، فإنّ الطائفة الاُولى ثلاثة، واثنتان منها رواهما راو واحد وهو زرارة. والطائفة الثانية تكون الشيعيّة منها اثنتين بسند واحد وراو واحد وهو عقبة بن خالد، ورويت عن طريق السنّه عن عبد اللّه بن عباس وعبادة بن صامت، ورويت عن صحابيّ آخر ومرسلاً أيضاً. والطائفة الثالثة كلها مرسلة كالمراسيل التي مرّ ذكرها، وكإرسال العلاّمة في التذكرة لذلك، وكمرسلة مجمع البحرين. وهذا المقدار بهذا النحو لا يفيد الجزم أو الاطمئنان قطعاً.

نعم، يُمكن أنّ تضمّ الى ذلك شهرة هذه الرواية شهرة عظيمة جداً بين تمام المسلمين شيعة وسنّة منذ قرون كثيرة الى زماننا هذا؛ فلا يبعد دعوى التواتر والاطمئنان بهذا الاعتبار، وتميل نفسنا الى هذه الدعوى وإن كان في النفس شيء من هذه الدعوى.

ثمّ إنّ هذا الطريق إن تمّ وحده فأثره بلحاظ الأمر الأوّل من الاُمور الثلاثة الماضية هو عدم الوقوع في مشكلة تهافت المتن أيضاً، فإنّه إذا دار الأمر بين المطلق والمقيّد كقوله: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» ثبت ذات المطلق مهملاً عن الإطلاق والتقييد.

وإذا دار الأمر بين مقيّدين مختلفين كما في قيد (على مؤمن) وقيد (في الإسلام) ثبت ذات المطلق أيضاً. وهل يثبت أحد القيدين أو لا ؟ التحقيق هو: التفصيل بين ما إذا فرض التواتر كمّيّاً فيثبت، وما إذا فرض كيفيّاً بمعونة وحدة المصبّ فلا يثبت؛ لعدم وحدة المصبّ بلحاظ القيود.

وأمّا ما مضى من الشهرة فإن فرض أنّها تورث فقط الاطمئنان بصدور مضمون (لا ضرر)، لم يثبت أحد القيود. وإن فرض أنّها توجب انجبار إحدى الروايات ثبت أحد القيود على سبيل الإجمال.

وأمّا بلحاظ الأمر الثاني فإذا دار أمر المقدار الذي ثبت وصار اطمئنانيّاً بين الإطلاق والتقييد، أخذنا بالمقيّد تمسّكاً بالقدر المتيقّن، وإذا دار بين متباينين كدوران الأمر بين ما يستفاد منه النهي التكليفي مثلاً عن الإضرار، وما يستفاد منه