المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

503

ارتفاع الحكم الشرعي مثلاً كوجوب الوضوء حينما يصير ضرريّاً، ثبت أحدهما إجمالاً، فإن وجد دليل يخالفهما معاً حصل التعارض، وإن كان الدليل يخالف أحدهما فقط كمخالفة إطلاق دليل وجوب الوضوء للمعنى الثاني، تعيّن الآخر.

وأمّا بلحاظ الأمر الثالث فالخبر هنا قطعيّ.

الطريق الثالث: أن تصحّح مرسلة الصدوق حيث نقل مرسلاً عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام». وذلك بتقريب: أنّ الخبر المرسل إذا كان بلسان (قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)) مثلاً، لا بلسان (روي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله))، واحتملنا احتمالاً عقلائيّاً كون هذا النقل مستنداً الى التواتر أجرينا أصالة الحس في الأخبار الحاكمة بكون المُخبر أو ما يلازمه عادة محسوساً، فيثبت التواتر هنا تعبّداً؛ وذلك لأنّ احتمال كون هذا الحديث متواتراً في زمان الصدوق (رحمه الله) موجود أحتمالاً عقلائيّاً، وكيف لا وقد مضى منّا ميل النفس الى دعوى التواتر عندنا! فكيف لا نحتمل ثبوت التواتر عند الصدوق (رحمه الله)! وأنّ هذا الحديث النبوي كان متواتراً ـ عندئذ ـ وإن لم يصل إلينا بشكل التواتر بسبب أنّ الأخبار النبويّة المرويّة عن غير طُرق الأئمة(عليهم السلام) لم يكن البناء على كتبها وضبطها من قبل الإماميّة، وإنّما كانوا يهتمّون بكتابة ما يصدر عن الإمام (عليه السلام)؛ لكون النصوص النبويّة واضحة متواترة ـ يومئذ ـ كالقرآن، فلم يحسّ بحاجة الى كتبها. وهذا ما أدّى بالتدريج الى انطماس تلك الآثار النبويّة . فنحن حينما نرى نصّاً نبويّاً نقول: إنّ هذا مرسل لا عبرة به. وعليه فلا استبعاد في كون هذا الخبر في زمان الصدوق(رحمه الله) متواتراً.

وهذا الطريق إن تمّ وحده فأثره بلحاظ الأمر الأوّل هو: عدم الابتلاء ـ أيضاً ـ بتهافت المتن؛ لأنّه لا يثبت بذلك إلّا مرسلة الصدوق (رحمه الله). وأمّا باقي المراسيل كإرسال العلامة وصاحب مجمع البحرين فهي مذكورة في كتاب فقهي أو لغوي، فكان ناقلها بصدد الاستدلال على الفتوى، أو الاستشهاد في اللغة مثلاً، فليس للكلام ـ عندئذ ـ ظهور في التصدّي للنقل عن حسّ حتّى تجري أصالة الحسّ.

وأثره بلحاظ الأمر الثاني ـ أيضاً ـ هو: أن تحدّد جهات القاعدة عن طريق تحديد ما يستفاد من خصوص صيغة «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».

وأثره بلحاظ الأمر الثالث هو:أنّ هذاالخبرظنّي لاقطعيّ؛لأنّه ثبت بالتواتر تعبّداً.

والتحقيق: عدم تماميّة هذا الطريق، فإنّنا وإن كنّا نحتمل عقلائيّاً تواتر رواية (لاضرر ولا ضرار) في ذلك العصر، لكنّنا لا نحتمل تواتر هذه الصيغة المشتملة على كلمة (في الإسلام)؛ لعدم وجود أيّ عين أو أثر عنها في كتب الأخبار الشيعيّة والسنيّة معاً، خصوصاً أنّ الصدوق (رحمه الله)كان ينظر بالخصوص الى كلمة (في الإسلام)،