المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

512

كشيخ الشريعة الاصفهاني (رحمه الله) من كون مفادها الحرمة التكليفيّة للإضرار، كحرمة الكذب وشرب الخمر ونحو ذلك.

ونحن وإن كنّا نتبنّى الاتجاه الأوّل حتّى على تقدير كونه كلاماً مستقلاً كما سيأتي شرحه ـ إن شاء اللّه ـ إلّا أنّه لا شكّ أنّ فرض كونه ذيلاً لحكم الشفعة، أو منع فضل الماء يعزّز الى درجة كبيرة ما نستفيده من الحديث؛ لأنّه تطبيق من قبل المعصوم (عليه السلام) لقاعدة (لا ضرر) على موردين من هذا القبيل؛ لبيان تشريع الحكم المناسب فيهما.

وبما أنّ شيخ الشريعة (رحمه الله) كان يتبنّى الاتجاه الآخر كان عليه نفي كون هذه القاعدة ذيلاً لذينك الحديثين، فبذل عناية فائقة لإثبات عدم كونها ذيلاً لهما، وأنّ الجمع بين حديث الشفعة وحديث لا ضرر، أو بين حديث النهي عن منع فضل الماء وحديث لا ضرر إنّما هو جمع في الرواية لا في المرويّ، أي: أنّه لم يكن المرويّان مجتمعين حين صدورهما، وإنّما الراوي جمع بين الروايتين في كلام واحد.

وقبل الشروع في بيان كلام شيخ الشريعة (رحمه الله) نذكر مطلباً: وهو أنّ كلمة (قال) التي صدّر بها حديث (لا ضرر) في روايتي عقبة بن خالد:ـ إحداهما عن الصادق (عليه السلام)قال: قضى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالشفعة بين الشركاء في الارضين والمساكن وقال: لا ضرر ولا ضرار وقال: إذا أرّفت الارف وحدّت الحدود فلا شفعة. والاُخرى عن الصادق (عليه السلام)ـ أيضاً ـ قال: قضى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بين أهل البادية أنّه لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلاء، وقال: لا ضرر ولا ضرار ـ يوجد فيها احتمالان:

الأوّل: كون كلمة (قال) للراوي، أي: أنّة قال الصادق (عليه السلام) «لا ضرر ولا ضرار» عطفاً على قوله: قال: «قضى رسول اللّه» (صلى الله عليه وآله).

والثاني: كونها للإمام (عليه السلام) أي: أنّه قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) «لا ضرر ولا ضرار».

فعلى الاحتمال الأوّل يكون هذا جمعاً في الرواية، أي: أنّه جمع بين رواية عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ورواية عن الصادق (عليه السلام)، إلّا أنّ ظاهر ذلك هو: أنّ الصادق (عليه السلام) حينما نقل قضاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ذكر عقيب ذلك أنّه «لا ضرر ولا ضرار»، وهذا ظاهر في أنّه(عليه السلام)بصدد تعليل قضاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)بذلك، فينتج ذلك نتيجة الذيليّة، وفي صالح ما نقول به، لا في صالح ما يقوله شيخ الشريعة (قدس سره). إلّا أنّ هذا الاحتمال خلاف الظاهر، فإنّ مقتضى وحدة السياق هو: أنّ الناقل حينما شرع في نقل كلام شخص فما لم ينصب قرينة على انتهاء النقل يكون باقي الكلام جزءاً للمنقول عنه، وهنا لم