المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

514

كلّ خبر في المورد المناسب له.

المقدّمة الثالثة: أنّ الاختلاف بين أقضية عبادة بن صامت وأقضية عقبة بن خالد يسير جداً، فلا اختلاف بينهما عدا هذا الاختلاف الطفيف، وهو كون نفي الضرر قضاءً مستقلاً أو كونه مذكوراً في ذيل حديث آخر، ولئن كان لحديث عقبة ظهور في الذيليّة فهو ظهور ضعيف يرفع اليد عنه بواسطة معارضته لرواية عبادة بن صامت.

والوجه في الاحتياج الى هذه المقدّمات: هو أنّه لو لم تتمّ المقدّمة الاُولى أعني وثاقة عبادة واتقانه لما كان خبره حجّة حتّى يصبح معارضاً لخبر عقبة ويقدّم عليه ويوجّه خبر عقبة على ضوئه.

ولو لم تتمّ المقدّمة الثانية لكان ظهور خبر عقبة في ذيليّة «لا ضرر» قويّاً، فإنّ الظاهر من ذكره في ذيل حديث الشفعة، أو النهي عن منع فضل الماء كونه ذيلاً له واقعاً، وإنّما الذي يضعّف هذا الظهور هو: أن يُرى أنّ الناقل كان بصدد جمع المتفرّقات، فإذا ثبت كون الأقضية التي نقلها عبادة مجموعة في رواية عقبة ـ أيضاً ـ كما هي كذلك في رواية عبادة، مع أنّها في الحقيقة أحاديث متعدّدة ومتفرّقة، يضعف بذلك ظهور حديث عقبة في الذيليّة، ولا يخفى أنّه يكفي لشيخ الشريعة (قدس سره)أن يثبت وجود ستّ أقضية أو سبع مثلاً في رواية عقبة المشتملة على حديث (لا ضرر)، وليس من اللازم ثبوت كون جميع تلك الأقضية مجتمعة في روايته.

وأمّا المقدّمة الثالثة فكأنّها لإثبات اتقان عبادة، فإنّه لو كان الاختلاف بين رواياتنا ورواية عبادة كثيراً لأخلّ ذلك الى حدّ مّا بالاعتقاد باتقان عبادة، أو لبيان أنّ الجمع بين الخبرين في غاية السهولة؛ لخفّة المعارضة بينهما بخلاف ما لو كانت بينهما معارضات شديدة عديدة مثلاً.

وأمّا تفصيل الكلام في المقدّمات الثلاث فنقول:

أمّا المقدّمة الاُولى: فيظهر من مجموع كلماته (قدس سره) الاستدلال عليها بوجهين:

الأوّل: ما نُقِل في أحواله من مدحه وتوثيقه وتعظيمه.

ويرد عليه: أنّه إن ثبتت بذلك وثاقة عبادة فلا فائدة في ذلك؛ إذ لا يثبت به اعتبار هذا الخبر لمجرّد كونه رواية عبادة؛ لأنّنا لم نسمع هذا الخبر من عبادة، وإنّما نقله إمام الحنابلة في كتابه عنه بوسائط، فالوسائط بيننا وبين عبادة غير ثقاة، بل لعلّ بعضهم غير ثقاة حتّى عند العامّة، حتّى أنّ هذا الحديث لم يذكر في صحاحهم،