المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

517

وثالثاً: لماذا كرّر هؤلاء المقطّعون ذكر نفي الضرر، فذكروه مرّة في ذيل حديث الشفعة، واُخرى في ذيل حديث منع فضل الماء، ولم يكتفوا بذكره مرّة واحدة.

ثمّ إنّ صاحب الكافي الذي قطّع هذا الحديث، وجعل كلّ قطعة منه في بابه المناسب له لماذا لم يصنع ذلك بجملة (لا ضرر ولا ضرار) فلم يذكرها مستقلّة في بابها، بل ذكرها في ذيل حديث الشفعة ومنع فضل الماء؟! قد يقال مثلاً: إنّ نفي الضرر لم يكن له باب مستقلّ، فذكره المقطّعون ذيلاً ولم يذكروه مستقلاّ في بابه، ولكن صاحب الكافي قد أفرد باباً مستقلاّ في كتابه بعنوان باب الضرر، وجمع فيه روايات ذكر فيها الضرر فلماذا لم يذكر هذه الجملة مستقلّة في ذلك الباب؟!

وإن ادّعي الثاني قلنا: إنّه ليس لحديث عبادة ظهور يخالف ظاهر حديث عقبة حتّى يقدّم عليه، فإنّه:

أوّلاً: يحتمل صدور الحكم بالشفعة مثلاً عن النبي (صلى الله عليه وآله) مرّتين: مرّة بدون الذيل، ومرّة اُخرى مع الذيل، فنقل عبادة إحديها ونقل الإمام الصادق (عليه السلام)الاُخرى، والنبي (صلى الله عليه وآله)كان هو الحاكم المطلق في وقته بين اتباعه، فأيَّ استبعاد في أن تتعدّد له القضايا في الشفعة فيحكم بالشفعة مرّات عديدة.

وثانياً: لو فرضنا وحدة صدور الحكم بالشفعة عن النبي(صلى الله عليه وآله)فمن المحتمل أنّه كان مذيّلاً بنفي الضرر واسقط عبادة الذيل، وليس هذا خيانة منه، فإنّ إسقاط هذا الذيل لا يغيّر معنى الحكم بالشفعة، ولعلّه شجّعه على هذا الإسقاط ذِكرُهُ للقضاء بنفي الضرر مستقلاً.

ثمّ إنّ المحقّق النائيني (قدس سره) ذهب الى ما ذهب إليه شيخ الشريعة (رحمه الله) من إنكار الذيليّة، واستشهد إضافة الى النكات التي ذكرها شيخ الشريعة بنكات اُخرى(1):

إحداها: أنّه لو كانت هذه الجملة ذيلاً للزم عدم نقل عقبة لهذا القضاء وخلوّ روايته عنه، مع أنّه من المشتهر المعروف الواضح صدوره عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله).

ويرد عليه: أوّلاً: أنّ المشهور إنّما هو أصل الحكم بالضرر لا كونه قضاءً مستقلاّ، وأصل الحكم موجود في حديث عقبة. وليس من المناسب كونه قضاءً مستقلاً، فإنّه كبرى كليّة تنشأ منها الأقضية في الأحكام المعيّنة في القضايا التي تتّفق خارجاً، فيقضي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فيها بشيء، فالمناسب أن يكون ذيلاً لقضاء لا قضاءً


(1) راجع قاعدة لا ضرر للشيخ النجفي، ص 195.