المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

520

 

 

 

مفردات الحديث

 

المقام الثالث: في البحث عن مفردات الحديث. وفيه مفردتان: (ضرر)، و(ضرار):

أمّا كلمة (الضرر) فقد اختلفت كلمات أهل اللغة في معناها، فذكر بعضهم أنّ معنى الضرر هو: النقص في المال، أو النفس، أو الطرف، أو العرض، وآخر أنّ معنى الضرر هو: الشدّة، والحرج، والضيق.

والصحيح الملائم للجمع بين كلا التفسيرين هو: أنّ الضرر عنوان ينتزع من النقص عند صيرورته منشأً للشدّة والضيق النفسي، فالنقص وحده لا يصدق عليه الضرر، كما إذا فرض أنّه ضاع من شخص متموّل دينار لم يكن يوجب أيّ ضيق في حاله، كما أنّ مجرّد الضيق النفسي بغض النظر عن أيّ نقص لا يصدق عليه الضرر، فكلّ واحد من التفسيرين قد تناول جانباً من جانبي الضرر.

ولا يشترط حصول الضيق النفسي بالفعل، بل يكفي كونه مقتضياً لحصول الضيق النفسي، ولو لم يحصل بعدُ، كمن احترق بيته مثلاً وهو لا يعلم بعد بذلك.

هذا. والضرر يكون في مقابل النفع، فالنفع ـ أيضاً ـ يصدق إذا تحقّق أمران: الزيادة، وحصول الانبساط النفسي ولو شأناً.

ثمّ إنّ الضرر ينقسم الى مطلق ومقيّد وذلك من ناحيتين:

الناحية الاُولى: من حيث الموضوع أي: نفس الضرر، فالضرر قد يكون مطلقاً، واُخرى مقيّداً، من قبيل الماء المطلق والمضاف، فمثال الضرر المطلق احتراق دار شخص مثلاً، ومثال الضرر المقيّد عدم الربح في التجارة، فإنّ هذا ضرر على زيد مثلاً، لكنّه ليس ضرراً عليه بما هو، كما هو الحال في الضرر المطلق، بل يكون ضرراً عليه بما هو ذو غرض نفعيّ تجاري، فهذا ضرر مقيّد، وحديث (لا ضرر) لا يشمل الضرر المقيّد، وإنّما يشمل الضرر المطلق من قبيل أنّ دليل التطهير بالماء مثلاً لا يشمل الماء المضاف كماء الرمان، وإنّما يشمل الماء المطلق.

نعم، قد يتّفق في الضرر المقيّد أنّ جهة صدق الضرر شائعة متعارفة ملتصقة