المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

522

ولكنّ التحقيق: أنّ هذا خلط بين إيجاد النقص في العرض والكرامة، وعدم مراعاة حقّ العرض والكرامة، والضرر هو الأوّل دون الثاني، وهذا المثال من الثاني دون الأوّل، وهذا نظير إيراد الضرر على الأموال المملوكة للإنسان، فإنّ معنى الإضرار بها هو نقصها لا عدم مراعاة حرمتها، فمن طالع في كتاب شخص مثلاً بدون إذنه من دون إيراد أيّ نقص عليه لم يضرّ بماله، لكنّه لم يحفظ حقّ ماله من عدم جواز التصرّف فيه بدون إذنه، وهكذا الحال فيما نحن فيه، فإنّ هذا الناظر الى حريمه لم يُنقِص شيئاً من عرضه وكرامته حتّى يكون إضراراً بالعرض، غاية الأمر أنّه لم يحفظ حقّ العرض والكرامة، ونظير ذلك أنّه من شتم شخصاً من دون أن يسبّب ذلك نقصاً في كرامته فهذا لم يراع حقّ كرامة هذا الشخص، لكنّه لم يورد أيّ ضرر على كرامته، وقد يكون السابّ إنّما أضرّ بكرامة نفسه لا بكرامة من سبّه. نعم لو تكلّم عليه عند الناس بما أوجب انحطاطه في أعين الناس والنقص في كرامته كان ذلك ضرراً على كرامته.

ثمّ إنّه قد تستبدل كلمة النقص بفعل ما يحقّق مكروهاً للشخص فيشمل موارد اُخرى للضرر قد لا تكون مشمولة للنقص، وذلك من قبيل ما إذا فرضنا أنّ شخصاً يمنع عن اشتراك زيد في أيّ شركة من الشركات، وذلك عن طريق التقائه بأصحاب تلك الشركات وصرفهم عن قبول زيد في شركاتهم، فيبقى زيد بلا شغل فهو لم ينقص شيئاً من زيد، لكنّه مع ذلك قد أضرّه حتماً، ومثل ذلك: ما إذا منع السلطان أهل بلد من الخروج من ذلك البلد ظلماً وعدواناً من دون أن ينقص منهم أيّ شيء من أموالهم وكرامتهم وغير ذلك، فهذا ضرر بلا إشكال مع أنّه ليس نقصاً.

والتحقيق: أنّ هذا النحو من الإضرار ـ أيضاً ـ يمكن إدخاله في النقص، فإنّه إيراد للنقص على حقّ العمل وحقّ الحرية ونحو ذلك من العناوين، وهذا النحو من الأضرار داخل في قاعدة (لا ضرر) فإنّه مضافاً الى أنّ العرف يرى كلمة (الضرر) شاملة لهذه الأضرار يكون مورد الرواية من هذا القبيل، فإنّ عدم إعلام سمرة حينما يريد المرور ليس إيراداً للنقص على عرض الأنصاري وكرامته كما ظهر ممّا مضى، لكنّه إيراد للنقص على حقّ حرّية الأنصاري وأهله وراحتهم واستقرارهم.

ثمّ إنّ المحقّق الخراساني (رحمه الله) ذكر: أنّ الضرر والنفع متقابلان تقابل العدم والملكة(1).


(1) راجع الكفاية: ج 2، ص 266 حسب الطبعة المشتملة على تعليقة المشكيني.