المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

523

وأورد عليه المحقّق الإصفهاني (قدس سره): بأنّ الضرر عبارة عن النقص أي: انتفاء ما كان للشيء من الكمال، فهو عدم لهذا المقدار من الكمال، والنفع عبارة عن تحقّق زيادة على هذا المقدار من الكمال الثابت، فالضرر ليس عدماً لهذه ا لزيادة حتّى يكون التقابل بينهما تقابل العدم والملكة، وتقابل العدم والملكة إنّما يكون فيما إذا كان العدم عدماً لتلك الملكة لا لشيء آخر، كما أنّهما ليسا متضادّين ـ أيضاً ـ؛ لأنّ المتضادّين هما: الأمران الوجوديان اللذان بينهما كمال المنافرة، والضرر ليس أمراً وجودياً، بل هو أمر عدمي، فإنّه عبارة عن عدم الكمال(1).

أقول: أمّا ما ذكره (قدس سره): من أنّ الضرر والنفع ليسا متضادّين لعدم كون الضرر أمراً وجودياً، فيرد عليه: أنّ الضرر ليس عبارة عن ذات النقص بمعنى عدم الكمال، بل هو عنوان وجودي ينتزع من إضافة النقص الى الإنسان، كما أنّ النفع عنوان وجودي ينتزع من إضافة الزيادة الى الإنسان.

وأمّا ما أورده على المحقّق الخراساني (رحمه الله): من أنّ الضرر ليس عدماً للنفع حتّى يكون بينهما تقابل العدم والملكة، فلك أن تقول كتوجيه لكلام المحقّق الخراساني(رحمه الله): إنّ من المحتمل كون مقصود المحقّق الخراساني من قوله: «إنّ الضرر والنفع بينهما تقابل العدم والملكة» أنّه توجد فيهما نكتة تقابل العدم والملكة وهي: عدم صدق ذلك الأمر العدمي، إلّا مع قابليّة المورد للأمر الوجودي كما في العمى والبصر، فإنّ ما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ الضرر إنّما يصدق في مورد قابليّة صدق النفع، فمال الشخص إذا نقص صدق الضرر حيث إنّه إذا زاد صدق النفع. وأمّا إذا نقص شيء من المباحات الأصليّة في الصحراء فلا يصدق أنّه تضرّر زيد كما أنّه إذا زاد شيء عليها لم يصدق أنّه انتفع زيد.

هذا. ولكن لا يخفى أنّ ذات النكتة الموجودة في باب تقابل العدم والملكة غير موجودة هنا، وإنّما الموجود هنا ما يشابهها، فإن كان مقصود المحقّق الخراساني(رحمه الله)وجود نكتة تقابل العدم والملكة بالمسامحة صحّ كلامه، وإلّا فلا.

توضيح ذلك: أنّه في باب العدم والملكة تكون قابليّة الأمر الوجودي مأخوذة في موضوع الأمر العدمي كما في العمى والبصر، فالعمى عبارة عن انتفاء البصر عمّا يكون من شأنه البصر. وأمّا ما نحن فيه فليس الأمر كذلك؛ إذ ليست قابليّة النفع


(1) راجع نهاية الدراية: ج 2، ص 317.