المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

524

مأخوذة في موضوع الضرر، وإنّما لا يصدق الضرر إلّا مع قابليّة النفع من باب أنّ النفع والضرر مشروطان بنكتة مشتركة بينهما، مهما حصلت تمّت القابليّة للنفع والضرر معاً، ومهما لم تحصل لم تتمّ القابليّة لشيء من النفع والضرر، وتلك النكتة: هي عبارة عن إضافة ذلك الشيء الذي يزيد وينقص الى الإنسان، فمع وجود تلك الإضافة تكون زيادته نفعاً ونقصه ضرراً، ومع عدمها لا تكون زيادته نفعاً ولا نقصه ضرراً، فنرى انّ الضرر لا يصدق إلّا مع قابليّة المورد للنفع. هذا تمام الكلام في كلمة (الضرر).

وأمّا كلمة (الضرار) فمن حيث الصيغة يحتمل فيها ثلاثة احتمالات: أن يكون مصدر باب المفاعلة المزيد فيه المأخوذ من الثلاثي المجرّد وهو ضرّ، وأن يكون مصدراً للثلاثي المجرّد، أعني ضرّ، من قبيل كتب كتاباً وحسب حساباً، وأن يكون مصدراً من باب المفاعلة غير المزيد فيه أي: غير المأخوذ من المجرّد من قبيل سافر، فإنّه غير مأخوذ من سفر، فإنّ سَفَرَ يكون بمعنى كشف الستار لا بمعنى السفر.

وإذا أخذنا بالاحتمال الأوّل وهو كونه مصدراً لباب (فاعَلَ) المزيد فيه فالمشهور هو: أنّ الأصل في باب المفاعلة أن يكون بين اثنين.

وقد أشكل على ذلك المحقّق الاصفهاني(قدس سره)(1)، وأثبت أنّه ليس باب المفاعلة بين اثنين وكلامه ينقسم الى ثلاثة أقسام:

القسم الأوّل: الاستقراء والإتيان بأربعة عشر مثالاً(2) لباب المفاعلة من القرآن وغيره، وشيء منها ليس بين الاثنين من قبيل خادع ونافق، فيكون هذا دليلاً على عدم كون الأصل في باب المفاعلة هو: أن يكون بين الاثنين.

القسم الثاني: ذِكْرُ برهان عقليٍّ على عدم كون باب المفاعلة بين الاثنين. وهو(قدس سره) فهم من كلام المشهور القائلين بأنّ باب المفاعلة يفيد معنى ما بين الاثنين: أنّ


(1) راجع نهاية الدراية: ج 3، ص 317 - 318.

(2) الأمثلة التي ذكرها الشيخ الاصفهاني ما يلي: 1- يخادعون اللّه والذين آمنوا، 2 ـ ومن يهاجر في سبيل اللّه، 3ـ يراؤون، 4ـ وناديناه، 5ـ ونافقوا، 6ـ وشاقّوا، 7ـ ومسجد ضراراً ولا تمسكوهنّ ضراراً، 8ـ ولا تؤاخذني. ومن الاستعمالات غير القرآنيّة 9ـ عاجله بالعقوبة، 10ـ وبارزه بالحرب، 11ـ وباشر الحرب، 12ـ وساعده التوفيق، 13ـ وخالع المرأة، 14ـ وواراه في الأرض، فجميع ذلك ـ على ما يقوله (رحمه الله) ـ بين ما لاتصحّ فيه إرادة الانتساب الى الاثنين وما لا يراد منه ذلك.