المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

525

باب المفاعلة كضارب يدلّ على نسبتين: إحداهما نسبة ضرب زيد الى عمرو مثلاً، والاُخرى نسبة ضرب عمرو الى زيد. وكذلك باب التفاعُل، إلّا أنّ الفرق بين البابين هو: أنّ النسبتين في باب التفاعُل في عرض واحد، لذا يرفع فيه كلا المعمولين، وفي باب المفاعلة طوليتان وتكون إحدى النسبتين جانبيّة؛ ولذا يرفع أحد المعمولين وينصب الآخر.

وذكر هنا المحقّق الاصفهاني (قدس سره): أنّه إمّا أن يقال بأنّ باب المفاعلة يدلّ على إحدى النسبتين فقط أي: أنّ ضارب يفيد معنى ضرب من هذه الناحية، أو يقال: بأنّه يدلّ على النسبتين. وكذلك باب التفاعل، إلّا أنّ الدلالة على النسبتين تكون بمعنى الدلالة على ما ينتزع من النسبتين وهي نسبة ثالثة، أو يقال: بأنّه يدلّ على نفس النسبتين مع طوليّة بينهما في باب المفاعلة. ولا طوليّة بينهما في التفاعل.

أمّا الأوّل: وهو دلالة المفاعلة على إحدى النسبتين فقط فهو المختار لنا في مقابل المشهور.

وأمّا الثاني: فيرد عليه: أنّه لا يبقى فرق بناءً عليه بين باب المفاعلة وباب التفاعل، مع أنّه لا إشكال في وجود الفرق بينهما.

وأمّا الثالث: فيرد عليه: أوّلاً: أنّ دلالة الهيئة على النسبتين غير صحيحة على حدّ عدم صحّة دلالة اللفظ على معنيين.

وثانياً: أنّنا لا نتعقّل طوليّة بين النسبتين، فاللفظ دلّ على مجرّد الضربين ونسبتهما الى فاعلهما. ومن الواضح: أنّهما نسبتان في عرض واحد، هذا إذا اُريدت دلالة الهيئة على النسبتين بالمطابقة مع فرض طوليّة بينهما ثبوتاً. وأمّا إذا اُريدت الطوليّة بين النسبتين إثباتاً بأن تدلّ الهيئة على إحدى النسبتين بالمطابقة، وعلى الاُخرى بالالتزام من دون لزوم استعمال الهيئة في معنيين؛ لأنّه لم تستعمل الهيئة إلّا في إحدى النسبتين التي دلّت عليها بالمطابقة. فيرد عليه: أنّ هذا فرع وجود ملازمة بين النسبتين، مع أنّه لا توجد أيّة ملازمة بينهما.

القسم الثالث: ذكر ما هو المختار له (قدس سره): وهو أنّ باب المفاعلة يدلّ على التعدية، فإن كان الفعل لازماً يصبح متعدّياً بذهابه الى باب (فاعَلَ) ويكون معناه حين إدخال هيئة (فاعَلَ) عليه: هو عين معناه حين إلحاق حرف الجرّ به، فمعنى (جالست زيداً) هو عين معنى (جلست إلى زيد).

وإن كان الفعل متعدّياً فلا يتغيّر معنى الفعل، وإنّما يكون باب المفاعلة مؤكِّداً