المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

529

السيّد الاُستاذ ذهب الى أنّ التعدّي واللزوم في الأفعال ليس أمراً داخلاً في صميم المعنى، وإنّما هو لمجرّد الاستعمال الاعتباطي يؤخذ من العرب تعبّداً، واستشهد على ذلك بأنّه قد يرى الفعل الواحد الموضوع لمعنى واحد يستعمل تارة متعدّياً، واُخرى لازماً من قبيل أضرّه وأضرّ به(1).

أقول: الواقع أنّ معنى أضرّ معنى صدوري يتعدّى بنفسه الى المفعول به، لكنّ حذف المفعول به جائز فقد يحذف، وفي مثال أضرّ حُذف المفعول به، وقيّدت المادّة بما يكون التقييد به مُغنياً عن المفعول به المحذوف، فصار أضرّ به.

ثمّ إنّه يرد على المحقّق الاصفهاني (قدس سره) القائل: بأنّ المفاعلة في الأفعال اللازمة تفيد نفس النسبة المستفادة من حرف الجرّ المتعدّى به الفعل (لو بني على أنّ صيغة المفاعلة وضعت وضعاً واحداً نوعيّاً للتعدية، لا أوضاعاً متعدّدة، وبني على أنّ وضع الهيئات نوعي كما هو المشهور، لا شخصي): أنّ أمثلة المفاعلة تختلف فيما تعطيها من النسب الحرفيّة، فمثلاً (كاشفه) يعطي معنى كشف له، و (جالسه) يعطي معنى جلس إليه، و (سايره) يعطي معنى سار معه، فنتساءل: أنّ المفاعلة وضعت لأيّ نسبة من نسب الحروف، وأيّ تقييد من التقييدات؟

فإن قيل: إنّه يكون موضوعاً لجامع التعدية، فإن اُريد بذلك عنوان التعدية فهو مفهوم اسمي ليس هو المستفاد من هيئة (فاعَلَ). وإن اُريد بذلك واقع النِسَب الخاصّة المتعدّية فهي نسب متباينة.

وإن قيل: إنّ هيئة (فاعَلَ) موضوعة لنسبة واحدة تنسجم مصداقاً مع هذه المعاني، أي: تختلف مصاديقها بحسب اختلاف الموارد، فقد تتّحد تلك النسبة في المصداق مع نسبة (إلى)، وقد تتّحد في المصداق مع نسبة (اللام) وهكذا، فعندئذ نتساءل: ما هي تلك النسبة؟ فإنّ هذا الشيء يحتاج الى تحليل وبيان، ولم يحلّل ولم يبيّن.

وأمّا القسم الثاني من كلامه، فالذي يستفاد من كلام المشهور في تفسير معنى المفاعلة ليس هو ما ذكره من دلالة الفعل في ذلك الباب على نسبتين طوليّتين، وإنّما الذي يستفاد من كلامهم هو أنّ هذا الباب وضع لنسبة المادّة الى الفاعل مضمّناً


(1) الموجود في الدراسات والمصباح في بحث (لا ضرر) يختلف عمّا هو المنقول هنا وينافيه، راجع الدراسات: ج 3، ص 323، والمصباح: ج 2، ص 522.