المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

531

فإن قلت: لماذا لا يفرض أنّ هيئة المفاعلة موضوعة للجامع بين مطلق انحاء التجاوز والامتداد والطولانيّة في باب المفاعلة حتّى تشمل جميع موارد المشابهة والذي يكون لما بين الاثنين؟

قلت: إنّ فرض الأمر كذلك غير ممكن؛ لإنّه إمّا أن تكون الهيئة موضوعة لعنوان الجامع، أو لمنشأ الانتزاع، والأول مفهوم اسمي وليست الهيئة موضوعاً له، وليس الثاني إلّا نسباً متباينة لا جامع بينها.

ثمّ إنّ هنا وجهاً في تصوير معنى باب المفاعلة أحسن من القول بكون شأن هذا الباب تضمين معنى الشركة، حتّى لو فرض أنّ المعنى المضمَّن هو المشارَكيّة لا المشارِكيّة، وهذا الوجه: هوأن يقال: إنّ صيغة (فاعَل) كضارب مثلاً مشتملة على اُمور ثلاثة:

1 ـ مادّة الضرب مثلاً، وهذه تدلّ على معناها الأصلي وهو الضرب.

2 ـ الشيء الزائد على ذلك بدخوله في باب المفاعلة كألف (فاعَلَ) وهذا يدلّ على تحصيص المعنى المستفاد من تلك المادّة، وفرض الضربين عملية واحدة تبتدىء بحسب عالَم المتصوّر الذهني من زيد مثلاً وتنتهي الى عمرو.

3 ـ هيئة المجرّد المحفوظة لا بحدّها في صيغة (فاعَلَ) المندكّة في تلك الصيغة، وهذه الهيئة تنسب المعنى المستفاد من مجموع المادّة الأصليّة مع تلك الزيادة الى الفاعل. وبهذا التفسير نتحفّظ على دلالة باب (فاعَلَ) على معنى بين الاثنين من دون الوقوع في محذور وحدة الدال وتعدّد المدلول مع التحفّظ على الفرق بين باب التفاعل وباب المفاعلة.

وهذا التصوير أحسن من التصوير السابق، أعني: تضمين معنى الشركة ولو بمعنى المشارَكيّة (بالفتح) لا المشارِكيّة (بالكسر)؛ وذلك لأنّه لا ريب في استشمام معنى المفعوليّة للمنصوب في هذا الباب، أي: كونه مفعولاً لذلك الفعل الذي فرض صدوره في المقام، لا لمجرّد الشركة، وهذا الاستشمام لا يبقى له تفسير في الأفعال التي يتغيّر مفعولها بإدخال صيغة المفاعلة عليها، كما في (طرحت الثوب) و (طارحت زيداً الثوب)، بناءً على التصوير السابق، وأمّا تفسيره بناءً على التصوير الذي ذكرناه ففي غاية الوضوح؛ إذ قد فرضت عملية المطارحة عملية تبتدىء بحسب عالَم المتصوّر الذهني من الفاعل وتنتهي الى زيد.

ثمّ إنّه إذا فرض أنّ الضرار مصدر لباب المفاعلة المزيدة كما فرضناه حتّى