المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

555

 

 

 

مشاكل في فقه الحديث

 

المقام الخامس: في فقه الحديث بلحاظ جملة (لا ضرر)، ونستعرض في ذلك المشاكل التي اُثيرت في مقام اقتناص المدلول من هذا الحديث، والعمل به مع حلّها، إذ بعد أن استفيد من الحديث نفي الحكم الضرري اُثيرت في المقام مشاكل:

الاُولى: أنّ الحديث مبتل بتخصيص الأكثر، فإنّ نصف أحكام الفقه أو أكثر ما تكون أحكاماً ضرريّة، كما في الحدود، والقصاص، والديّات، والضمانات، والخمس، والزكاة، والجهاد، والواجب المستتبع لصرف المال كالحجّ، وعليه فإمّا أنّنا أخطأنا في فهم ظاهر الحديث، ويكون الحديث ظاهراً في شيء آخر لم نلتفت إليه، أو أنّه لا يمكن أن يستفاد منه شيء خال عن الإشكال، ومن هنا ذهب بعض الى إجمال الحديث، وعدم إمكان الاستدلال به رأساً، وبعض آخر الى أنّه يُعمل به في كلّ مورد عَمَلَ به المشهور بدعوى: أنّ ذلك يكشف عن انطباق التفسير الصحيح للحديث على ذلك المورد، ولذا عمل به المشهور فيه؛ لأنّهم اكتشفوا ذلك.

واُجيب عن هذا الإشكال ببعض الوجوه: من قبيل أنّ (لا ضرر) حاكم وناظر الى الأحكام، فينظر الى خصوص الأحكام التي ليست من أصلها ضرريّة، وإنّما يتّفق صدفة صيرورتها ضرريّة.

الثانية: أنّه في حديث الشفعة كيف طبّق (لا ضرر) على مسألة الشفعة، مع أنّ بيع الشريك لا يكون ضرريّاً دائماً، وفي المورد الذي يكون ضرريّاً ليس معنى ضرريّته عدا كونه مقدّمة إعداديّة للضرر؛ لتصادف كون المشتري رجلاً خبيثاً مثلاً يضرّ بشريكه. فيلزم من هذا:

أوّلاً: عدم ثبوت الشفعة في مورد عدم ترتّب الضرر.

ثانياً: جريان قاعدة (لا ضرر) في كلّ ما يترتّب عليه الضرر ولو بنحو المقدّمة الإعداديّة، فلو زوّج أحدٌ بنته من شخص، فترتّب على ذلك الضرر؛ لانزعاج ابن عمّها من ذلك، وإثارته ـ عندئذ ـ للإضرار والشرور، لزم تطبيق القاعدة على هذا الزواج، ومن باع داره فترتّبت على ذلك أضرار من قبل ابنه الذي انزعج من هذا